إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا العجل وَسِعَ ملأ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً فعلمه ولم يضق عليه، يقال: فلان يسع لهذا الأمر إذا أطاقه وقوي عليه كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ من الأمور وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً يعني القرآن مَنْ أَعْرَضَ أدبر عَنْهُ فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً إثما عظيما وحملا ثقيلا خالِدِينَ فِيهِ لا يكفره شيء.
وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ قرأه العامة بياء مضمومة على غير تسمية الفاعل، وقرأ أبو عمرو بنون مفتوحة لقوله وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ المشركين يَوْمَئِذٍ زُرْقاً والعرب تتشاءم بزرقة العيون. قال الشاعر يهجو رجلا:
لقد زرقت عيناك يا بن مكعبر ... كما كل ضبي من اللؤم أزرق «١»
وقيل: أراد عميا يَتَخافَتُونَ يتسارّون فيما بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ ما مكثتم في الدنيا، وقيل:
في القبور إِلَّا عَشْراً أي عشر ليال.
قال الله سبحانه نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً أي أوفاهم عقلا وأصوبهم رأيا إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً قصر ذلك في أعينهم في جنب ما يستقبلهم من أهوال يوم القيامة.
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها يقلعها من أماكنها ويطرحها في البحار حتى تستوي.
فإن قيل: ما العلّة الجالبة للفاء التي في قوله فقل خلافا لأخواتها في القرآن؟
فالجواب أنّ تلك أسئلة تقدّمت سألوا عنها رسول الله فجاء الجواب عقيب السؤال، وهذا سؤال لم يسألوه بعد وقد علم الله سبحانه أنّهم سائلوه عنه فأجاب قبل السؤال، ومجازها: وإن سألوك عن الجبال فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً أرضا ملساء لا نبات فيها.
لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً.
قال ابن عباس: العوج: الأودة، والأمت الروابي والنشوز.
مجاهد: العوج: الانخفاض، والأمت: الارتفاع.
ابن زيد: الأمت: التفاوت والتعادي. ويقول العرب: ملأت القربة ماء لا أمت فيه أي لا استرخاء.
يمان: الأمت: الشقوق في الأرض
(١) لسان العرب: ١٠/ ١٣٩.