وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ الآية يقول الله سبحانه: وإن يضيّع هؤلاء الذين نصرّف لهم في القرآن الوعيد عهدي ويخالفوا أمري ويتركوا طاعتي فقد فعل ذلك أبوهم آدم (عليه السلام) حيث عهدنا إليه أي أمرناه وأوصينا إليه فَنَسِيَ فترك الأمر والعهد، نظيره قوله نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «١» أي تركوا أمر الله فتركهم الله في النار. هذا قول أكثر المفسرين.
وقال ابن زيد: نسي ما عهد الله إليه في ذلك، ولو كان له عزم ما أطاع عدوّه إبليس الذي حسده وأبى أن يسجد له، وعصى الله الذي كرّمه وشرّفه، وعلى هذا القول يحتمل أن يكون آدم في ذلك القول بالنسيان مأخوذ، وإن كان هو اليوم عنّا مرفوعا.
وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً قال ابن عباس: حفظا لما أمر به، قتادة ومقاتل: صبرا، ابن زيد:
محافظة على أمر الله وتمسّكا به، الضحّاك: صريمة أمر، عطية: رأيا، وقيل: جزما، ابن كيسان: إصرارا وإضمارا على العود إلى الذنب ثانيا، وأصل العزم النيّة واعتقاد القلب على الشيء.
قال أبو أمامة: لو أنّ أحلام بني آدم جمعت منذ يوم خلق الله سبحانه آدم إلى يوم تقوم الساعة، ووضعت في كفّة ميزان، ووضع حلم آدم في الكفّة الأخرى لرجح حلمه بأحلامهم، وقد قال الله تعالى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً.
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أن يسجد له فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ حوّاء فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فتتعب ويكون عيشك من كدّ يمينك، بعرق جبينك.
قال سعيد بن جبير: أهبط إلى آدم ثور أحمر وكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه فهو شقاؤه الذي قال الله سبحانه، وكان حقّه أن يقول: فيشقيا ولكن غلب المذكّر رجوعا به إلى آدم لأنّ تعبه أكثر، وقيل: لأجل رؤوس الآي.
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها أي في الجنّة وَلا تَعْرى. وَأَنَّكَ قرأ نافع بكسر الألف على