للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأ أبو عبد الرّحمن السلمي بضم الياء وفتح الميم، الضم رفع بمعنى أنّه لا يفعل بهم ذلك على مذهب ما لم يبين فاعله.

وقرأ ابن عامر «تسمع» بتاء مضمومة وكسر الميم والصمَّ نصبا، جعل الخطاب للنبي (عليه السلام) ، وقرأ الآخرون: «يَسْمَعُ» بياء مفتوحة وفتح الميم الصُّمُّ رفع على أنّ الفعل لهم إِذا ما يُنْذَرُونَ يخوّفون ويحذّرون.

وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ أصابتهم نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ قال ابن عباس: طرف، مقاتل وقتادة:

عقوبة، ابن كيسان: قليل، ابن جريج: نصيب، من قولهم: نفح فلان لفلان إذا أعطاه قسما «١» وحظّا منه، بعضهم: ضربة، من قول العرب: نفحت الدابة برجلها إذا ضربت بها. قال الشاعر:

وعمرة من سروات النساء ... تنفح بالمسك أردانها «٢»

لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ. وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ العذاب وإنّما وحّد القسط وهو جمع الموازين لأنّه في مذهب عدل ورضى.

قال مجاهد: هذا مثل، وإنّما أراد بالميزان العدل.

فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً لا ينقص من حسناته ولا يزاد على سيّئاته.

يروى أنّ داود (عليه السلام) سأل ربّه أن يريه الميزان فأراه، فلمّا رآه غشي عليه ثم أفاق، فقال: يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفّته حسنات؟ فقال: يا داود إنّي إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة.

فان قيل: كيف وجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله سبحانه فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً «٣» ؟ فالجواب: إن المعنى فيه: لا نقوّمها ولا تستقيم على الحقّ، [من ناقصه سائله] «٤» لأنها باطلة.

وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ رفع أهل المدينة المثقال بمعنى: وان وقع، وحينئذ لا خبر له ونصبها الباقون على معنى: وإن كان ذلك الشيء مثقال، ومثله في سورة لقمان أَتَيْنا بِها أحضرناها، وقرأ مجاهد: آتينا بالمدّ أي جازينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ. وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ يعني الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل وهو التوراة.


(١) في نسخة أصفهان زيادة: من ماله.
(٢) تفسير القرطبي: ١١/ ٢٩٣.
(٣) الكهف: ١٠٥.
(٤) كذا في المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>