للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سبحانه وتعالى مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ «١» ، وقال ابن زيد: هو استفهام معناه: أفظنّ أن لن نقدر عليه؟.

وروى عوف عن الحسن أنّه قال: معناه: فظنّ أنّه يعجز ربّه فلا يقدر عليه.

قال: وبلغني أن يونس لمّا أذنب انطلق مغاضبا لربّه واستزلّه الشيطان حتّى ظنّ أن لن يقدر عليه.

قال: وكان له سلف وعبادة فأبي الله أن يدعه للشيطان فقذفه في بطن الحوت، فمكث في بطن الحوت أربعين من بين يوم وليلة، وقيل: سبعة أيام، وقيل: ثلاثة، وأمسك الله نفسه فلم يقتله هناك، فتاب إلى ربّه في بطن الحوت وراجع نفسه فقال: لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فاستخرجه الله من بطن الحوت برحمته.

قال عوف: وبلغني أنّه قال: وبنيت لك مسجدا في مكان لم يبنه أحد قبلي. والتأويلات المتقدمة أولى بالأنبياء وأبعد من الخطأ.

فَنادى فِي الظُّلُماتِ أي ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت، قاله أكثر المفسّرين، وقال سالم بن أبي الجعد: ظلمة جوف الحوت، ثم ظلمة جوف الحوت الآخر الذي ابتلعه في ظلمة البحر.

أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ قال محمد بن قيس: قال يونس:

إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ حين عصيتك، وما صنعت من شيء فلم أعبد غيرك.

وروى أبو هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لمّا أراد الله سبحانه حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما، فأخذه ثمّ هوى به إلى مسكنه في البحر، فلمّا انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسّا فقال في نفسه: ما هذا؟

فأوحى الله سبحانه إليه وهو في بطن الحوت: إنّ هذا تسبيح دوابّ البحر، قال: فسبّح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا إنّا لنسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة! قال: ذاك عبدي يونس عصاني، فحبسته في بطن الحوت، قالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كلّ يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، فشفعوا له عند ذلك فأمر الحوت فقذفه في الساحل كما قال الله سبحانه وَهُوَ سَقِيمٌ «٢» » «٣» .

وروى أبو هلال محمد بن سليمان عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: أتى جبرئيل


(١) الطلاق: ٧.
(٢) الصافّات: ١٤٥.
(٣) جامع البيان للطبري: ١٧/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>