للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وإنّما سكّن الياء في نجّي كما سكّنوها في بقر فقالوا بقره ونحوها وإنّما اتبع أهل هذه القراءة المصحف لأنّها مكتوبة بنون واحدة.

وقال القتيبي: من قرأ بنون واحدة والتشديد فإنّه أراد ننجي من التنجية إلّا أنّه أدغم وحذف نونا على طلب الخفّة.

وقال النحويون: وهو رديء لبعد مخرج النون من الجيم، وممن جوّز «١» هذه القراءة أبو عبيد، وأما أبو حاتم السجستاني فإنه لحّنها ونسب قارئها إلى الجهل وقال: هذا لحن لا يجوز في اللغة، ولا يحتج بمثل ذلك البيت على كتاب الله سبحانه وتعالى إلّا أن يقول: وكذلك نجي المؤمنين، ولو قرئ كذلك لكان صوابا، والله أعلم.

وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى دعا رَبَّهُ فقال رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وحيدا لا ولد لي ولا عقب وارزقني وارثا، ثمّ ردّ الأمر إلى الله سبحانه فقال وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ. فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى ولدا وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ بأن جعلناها ولودا بعد ما كانت عقيما، قاله أكثر المفسّرين، وقال بعضهم: كانت سيئة الخلق فأصلحها له بأن رزقها حسن الخلق.

إِنَّهُمْ يعني الأنبياء الذين سمّاهم في هذه السورة.

كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً خوفا وطمعا رغبا في رحمة الله ورهبا من عذاب الله، وقرأ الأعمش، رُغْبا ورُهْبا بضم الراء وجزم الغين والهاء وهما لغتان مثل السقم والسقم والثكل والثكل والنحل والنحل والعدم والعدم.

وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ خاضعين متواضعين.

وَالَّتِي أَحْصَنَتْ حفظت ومنعت فَرْجَها ممّا حرم الله سبحانه وهي مريم بنت عمران فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا أي أمرنا جبرئيل حتى نفخ في جيب درعها وأحدثنا بذلك النفخ المسيح في بطنها، وأضاف الروح إليه على معنى الملك والتشريف لمريم وعيسى بتخصيصها بالإضافة إليه.

وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ أي دلالة على كمال قدرتنا وحكمتنا، حمل امرأة بلا مماسّة ذكر، وكون ولد من غير أب، وإنّما قال «آيَةً» ولم يقل آيتين لأن معنى الكلام وجعلنا شأنهما وأمرهما آية للعالمين.

إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ ملّتكم أُمَّةً واحِدَةً ملّة واحدة وهي الإسلام فأبطل ما سوى الإسلام من الأديان، وأصل الأمّة الجماعة التي هي على مقصد واحد فجعلت بالشريعة أمة واحدة


(١) في المخطوط: صوّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>