للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعني ابن آدم مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ «١» أي من صفوة ماء آدم الذي هو من الطين ومنيّه والعرب تسمّي نطفة الشيء وولده سليله وسلالته لأنّهما مسلولان منه. قال الشاعر:

حملت به عضب الأديم غضنفرا ... سلالة فرج كان غير حصين «٢»

وقال آخر:

وهل كنت إلّا مهرة عربية ... سليلة أفراس تجلّلها بغل «٣»

ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ حريز مكين لاستقرارها فيه إلى بلوغ أمدها وهو الرحم.

ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً قرأ ابن عامر عظما على الواحد في الحرفين، ومثله روى أبو بكر عن عاصم لقوله لَحْماً، وقرأ الآخرون بالجمع لأنّ الإنسان ذو عظام كثيرة.

فَكَسَوْنَا فألبسنا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ اختلف المفسرون فيه. قال ابن عباس ومجاهد والشعبي وعكرمة وأبو العالية والضحاك وابن زيد: نفخ الروح فيه.

قتادة: نبات الأسنان والشعر.

ابن عمر: استواء الشباب، وهي رواية ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد.

وروى العوفي عن ابن عباس: إنّ ذلك تصريف أحواله بعد الولادة، يقول: خرج من بطن أمّه بعد ما خلق فكان من بدو خلقه الآخر أن استهلّ، ثمّ كان من خلقه أن دلّ على ثدي أمّه، ثمّ كان من خلقه أن علّم كيف يبسط رجليه، إلى أن قعد، إلى أن حبا، إلى أن قام على رجليه، إلى أن مشى، إلى أن فطم، فعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام، إلى أن بلغ الحلم، إلى أن بلغ ان يتقلّب في البلاد.

وقيل: الذكورة والأنوثية، وقيل: إعطاء العقل والفهم.

فَتَبارَكَ اللَّهُ أي استحق التعظيم والثناء بأنّه لم يزل ولا يزال وأصله من البروك وهو الثبوت.

أَحْسَنُ الْخالِقِينَ أي المصوّرين والمقدّرين، مجاهد: يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين.


(١) في النسخة الثانية زيادة: أسيل من الأرض، قال قتادة: وقال ابن عباس ومجاهد: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعني آدم مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ.
(٢) جامع البيان للطبري: ١٨/ ١٢.
(٣) جامع البيان للطبري: ١٨/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>