للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابه فقال: يا رسول الله إنّي جئت أهلي عشاء فوجدت رجلا مع أهلي، رأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما أتاه به وثقل عليه جدّا حتى عرف ذلك في وجهه.

فقال هلال: والله يا رسول الله إني لأرى الكراهية في وجهك مما أتيتك به، والله يعلم أني صادق وما قلت إلّا حقّا وإنّي لأرجو أن يجعل الله فرجا، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بضربه.

قال: واجتمعت الأنصار فقالوا: ابتلينا بما قال سعد، أيجلد هلال وتبطل شهادته؟ فإنّهم لكذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلّم يريد أن يأمر بضربه إذ نزل عليه الوحي فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أنّ الوحي قد نزل حتى فرغ، فأنزل الله سبحانه وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ إلى آخر الآيات.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أبشر يا هلال فإنّ الله قد جعل لك فرجا» ، فقال: قد كنت أرجو بذلك من الله تعالى.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أرسلوا إليها» ، فجاءت فلمّا اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم قيل لها، فكذّبت.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الله يعلم أنّ أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟» .

فقال هلال: يا رسول الله بأبي وأمّي لقد صدقت وما قلت إلّا حقّا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لاعنوا بينهما» ، فقيل لهلال: اشهد، فشهد أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، فقيل له عند الخامسة: يا هلال اتّق الله فإنّ عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة «١» ، فقال هلال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فشهد الخامسة أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ.

ثم قال للمرأة: اشهدي فشهدت «٢» الخامسة أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ففرّق رسول الله صلى الله عليه وسلّم بينهما وقضى أن الولد لها ولا يدعى لأب ولا يرمى ولدها، ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن جاءت به كذا وكذا] فهو لزوجها، وإن جاءت به كذا وكذا] فهو للذي قيل فيه» [٢٠] «٣» .


(١) في النسخة الثانية زيادة: وأن عذاب الله أشد من عذاب الناس، وإن هذه الخامسة هي الموجبة التي توجب عليك العذاب. [.....]
(٢) في النسخة الثانية زيادة: أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ، فقال لها عند الخامسة ووفقها: اتقي الله فإن في الخامسة موجبة، وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس فتلكّأت ساعة وهمت بالاعتراف، ثم قالت:
والله لا أفضح قومي فشهدت.
(٣) تفسير الطبري: ١٨/ ١٠٨ وما بين معكوفين منه وهو موافق لما في النسخة الثانية (أصفهان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>