للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ردّ بصره ابتغاء ثواب الله عز وجل أبدله الله بذلك عبادة تسرّه» «١» [٢٨] .

وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبة قال: حدّثنا الحضرمي قال: حدّثنا سهل بن صالح الأنطاكي قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «بينما رجل يصلّي إذ مرّت به امرأة فنظر إليها وأتبعها بصره فذهب عيناه» [٢٩] .

وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ عما لا يجوز وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ عمّا لا يحلّ، وقيل: وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ أي يسترنها حتى لا يراها أحد.

وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ولا يظهرن لغير محرم زينتهن، وهما زينتان: أحداهما ما خفي كالخلخالين «٢» والقرطين والقلائد والمعاصم ونحوها، والأخرى ما ظَهَرَ مِنْها، واختلف العلماء في الزينة الظاهرة التي استثنى الله سبحانه ورخّص فيها فقال ابن مسعود: هي الثياب، وعنه أيضا: الرداء، ودليل هذا التأويل قوله سبحانه خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ «٣» أي ثيابكم.

وقال ابن عباس وأصحابه: الكحل والخاتم والسوار والخضاب، الضحّاك والأوزاعي: الوجه والكفّان، الحسن: الوجه والثياب.

روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلّم «٤» أنه قال: «لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت «٥» أن تظهر إلّا وجهها ويدها إلى هاهنا» [٣٠] ، وقبض على نصف الذارع

، وإنّما رخّص الله سبحانه ورخّص رسوله في هذا القدر من بدن المرأة أن تبديها لأنّه ليس بعورة، فيجوز لها كشفه في الصلاة، وسائر بدنها عورة فيلزمها ستره.

وَلْيَضْرِبْنَ وليلقين بِخُمُرِهِنَّ أي بمقانعهن وهي جمع خمار وهو غطاء رأس المرأة عَلى جُيُوبِهِنَّ وصدورهن ليسترن بذلك شعورهنّ وأقراطهنّ وأعناقهن.

قالت عائشة: يرحم الله النساء المهاجرات الأول لمّا أنزل الله سبحانه هذه الآية شققن أكتف مروطهنّ فاختمرن به.

وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ الخفيّة التي أمرن بتغطيتها، ولم يبح لهنّ كشفها في الصلاة وللأجنبيين، وهي ما عدا الوجه والكفّين وظهور القدمين إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أي نساء


(١) بتفاوت في كنز العمّال: ٥/ ٣٢٩ ح ١٣٠٧٣.
(٢) في النسخة الثانية زيادة: والسوارين.
(٣) الأعراف: ٣١.
(٤) تفسير القرطبي: ١٢/ ٢٢٩.
(٥) عركت المرأة: إذا حاضت.

<<  <  ج: ص:  >  >>