للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ الآية.

نزلت في معاذة ومسيكة جاريتي عبد الله بن أبي المنافق، كان يكرههما على الزنا بضريبة يأخذ منهما وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية، يؤاجرون إماءهم، فلمّا جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة: إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين فإن يك خيرا فقد استكثرنا منه، وإن يك شرّا فقد آن لنا أن ندعه، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.

وقال مقاتل: نزلت في ستّ جوار لعبد الله بن أبىّ كان يكرههنّ على الزنا ويأخذ أجورهن وهنّ معاذة ومسيكة وأميمة وعمرة وأروى وقتيلة، فجاءته إحداهنّ ذات يوم بدينار وجاءت أخرى ببرد فقال لهما: ارجعا فازنيا فقالتا: والله لا نفعل قد جاءنا الله بالإسلام وحرّم الزنا، فأتتا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وشكتا إليه فأنزل الله سبحانه هذه الآية.

وروى معمر عن الزهري أنّ عبد الله بن أبي أسر رجلا من قريش يوم بدر، وكان لعبد الله جارية يقال لها معاذة فكان القرشي الأسير يريدها على نفسها وكانت مسلمة، فكانت تمتنع منه وكان ابن أبىّ يكرهها على ذلك ويضربها رجاء أن تحمل للقرشي فيطلب فداء ولده، فأنزل الله سبحانه وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ إماءكم عَلَى الْبِغاءِ أي الزنا.

إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً يعني إذ وليس معناه الشرط لأنه لا يجوز إكراههنّ على الزنا إن لم يردن تحصّنا، ونظيره قوله سبحانه وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «١» وقوله وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «٢» أي إذ، وقوله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ «٣» يعني إذ شاء الله والتحصّن: التعفّف.

وقال الحسين بن الفضل: في الآية تقديم وتأخير تقديرها (وأنكحوا الأيامى منكم إن أردن تحصّنا) ثم قال (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههنّ) بعد ورود النهي فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ لهنّ غَفُورٌ رَحِيمٌ والوزر على المكره، وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال: لهنّ والله لهن.

وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلًا خبرا وعبرة مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ.


(١) سورة البقرة: ٢٧٨.
(٢) سورة آل عمران: ١٣٩.
(٣) سورة الفتح: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>