للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأ أهل الكوفة ثَلاثَ بالنصب ردّا على قوله ثَلاثَ مَرَّاتٍ ورفعه الآخرون على معنى هذه ثلاث عورات لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ يعني العبيد والخدم والأطفال جُناحٌ على الدخول بغير إذن بَعْدَهُنَّ أي بعد هذه الأوقات الثلاثة طَوَّافُونَ أي هم طوّافون عَلَيْكُمْ يدخلون ويخرجون ويذهبون ويجيؤون ويتردّدون في أحوالهم وأشغالهم بغير إذن بَعْضُكُمْ يطوف عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ واختلف العلماء في حكم هذه الآية، فقال قوم: هو منسوخ لا يعمل به اليوم.

أخبرنا أبو محمد الرومي قال: أخبرنا أبو العباس السراج قال: حدّثنا قتيبة قال: حدّثنا عبد العزيز عن عمرو عن عكرمة أنّ نفرا من أهل العراق قالوا لابن عباس: كيف ترى في هذه الآية؟ أمرنا فيها بما أمرنا فلا يعمل بها أحد، قول الله عزّ وجل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ الآية، فقال ابن عباس: إنّ الله رفيق حليم رؤوف رحيم، يحب الستر، وكان الناس ليست لبيوتهم ستور ولا حجال، فربّما دخل الخادم والولد والرجل على أهله، فأمرهم الله سبحانه وتعالى بالاستيذان في تلك العورات فجاءهم الله بالستور والخير فلم أر أحدا يعمل بذلك. وقال آخرون: هي محكمة والعمل بها واجب.

روى سفيان عن موسى بن أبي عائشة قال: سألت الشعبي عن هذه الآية لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ قلت: أمنسوخة هي؟ قال: لا والله ما نسخت «١» ، قلت: إنّ الناس لا يعملون بها؟ قال: الله المستعان.

وروى أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في هذه الآية قال: إن ناسا تقول:

نسخت، والله ما نسخت ولكنها ممّا يتهاون به الناس.

وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ أي من أحراركم الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا في جميع الأوقات في الدخول عليكم كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني الأحرار الكبار.

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ يعني اللاتي قعدن عن الولد من الكبر فلا يحضن ولا يلدن، واحدتها قاعدة.

اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً لا يطمعن في التزوّج وأيسن من البعولة.

فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ عند الرجال يعني جلابيبهن والقناع الذي فوق الخمار، والرداء الذي يكون فوق الثياب، يدلّ على هذا التأويل قراءة أبيّ بن كعب: أن يضعن من ثيابهن غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ يعني من غير أن يردن بوضع الجلباب والثياب أن ترى زينتهن،


(١) في المخطوط: نسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>