للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحذّرهم الله عقابه، فبينا هم حول البئر في منازلهم انهارت البئر فانخسفت بهم وبديارهم ورباعهم فهلكوا جميعا.

قتادة: الرس: قرية بفلج اليمامة قتلوا نبيّهم فأهلكهم الله، وقال بعضهم: هم بقية هود قوم صالح، وهم أصحاب البئر التي ذكرها الله سبحانه في قوله تعالى وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ «١» .

قال سعيد بن جبير وابن الكلبي والخليل: كان لهم نبيّ يقال له حنظلة بن صفوان، وكان بأرضهم جبل يقال له فتح، مصعده في السماء ميل، وكانت العنقاء تنتابه وهي أعظم ما تكون من الطير وفيها من كل لون، وسمّوها العنقاء لطول عنقها، وكانت تكون في ذلك الجبل تنقضّ على الطير تأكلها، فجاعت ذات يوم فأعوزتها الطير فانقضّت على صبي فذهبت، فسمّيت عنقاء مغرب لأنها تغرب بما تأخذه وتذهب به، ثم إنّها انقضّت على جارية حين ترعرعت فأخذتها فضمّتها إلى جناحين لها صغيرين سوى الجناحين الكبيرين، فطارت بها فشكوا الى نبيّهم فقال: اللهم خذها واقطع نسلها، فأصابتها صاعقة فاحترقت فلم ير لها أثر، فضربتها العرب في أشعارهم، ثم إنهم قتلوا نبيّهم فأهلكهم الله.

وقال كعب ومقاتل والسدي: هم أصحاب يس، والرسّ بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيبا النّجار، فنسبوا لها وهم الرسّ، ذكرهم الله سبحانه في سورة يس، وقيل: هم أصحاب الأخدود والرسّ هو الأخدود الذي حفروه، وقال عكرمة: هم قوم رسّوا نبيهم في بئر، دليله ما

روى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة لعبد أسود وذلك أن الله سبحانه بعث نبيّا إلى أهل قرية فلم يؤمن به من أهلها أحد إلّا ذلك الأسود، ثمّ إنّ أهل القرية عدوا على ذلك النبي فحفروا له بئرا فألقوه فيها، ثم أطبق عليه بحجر ضخم، وكان ذلك العبد الأسود يذهب فيحتطب على ظهره، ثم يأتي بحطبه فيبيعه فيشري به طعاما وشرابا، ثم يأتي به إلى تلك البئر فيرفع تلك الصخرة يعينه الله عليها فيدلي إليه طعامه وشرابه ثم يردّها كما كانت.

قال: وكان كذلك ما شاء الله أن يكون ثم إنّه ذهب يوما يحتطب كما كان يصنع فجمع حطبه وحزم حزمته وفرغ منها، فلمّا أراد أن يحتملها وجد سنة فاضطجع فنام فضرب الله على أذنه سبع سنين، ثم إنه هبّ فتمطّى فتحوّل لشقّه الآخر فاضطجع، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى، ثم إنّه هبّ فاحتمل حزمته ولا يحسب إلّا أنه نام ساعة من نهار، فجاء الى القرية فباع حزمته، ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع، ثم ذهب الى الحفرة في موضعها التي كانت فيه فالتمسه فلم يجده وقد كان بدا لقومه فيه بداء فاستخرجوه فآمنوا به وصدّقوه.


(١) سورة الحجّ: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>