للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل العلم بأخبار الماضين وسير المتقدمين: بلغني أنّه كان رسّان: أمّا أحدهما فكان أهله أهل بدو وعمود وأصحاب مواشي فبعث الله إليهم رسولا فقتلوه، ثم بعث إليهم رسولا آخر وعضده بولي فقتل الرسول وجاهدهم الولي حتى أفحمهم وكانوا يقولون إلهنا في البحر وكانوا على شفيره، وأنّه كان يخرج إليهم من البحر شيطان في كل شهر خرجة فيذبحون عنده ويجعلونه عيدا فقال لهم الولي: أرأيتكم إن خرج إلهكم الذي تعبدونه فدعوته فأجابني وأمرته فأطاعني أتجيبونني الى ما دعوتكم إليه؟ قالوا: بلى فأعطوه عهودهم ومواثيقهم على ذلك فانتظروا حتى خرج ذلك الشيطان على صورة حوت راكبا أربعة أحوات وله عنق مستعلية، وعلى رأسه مثل التاج، فلمّا نظروا إليه خرّوا سجّدا وخرج الولي إليه فقال: ائتني طوعا أو كرها باسم الله الكريم فنزل عند ذلك عن أحواته فقال له الولي: ائتني عليهن لئلّا يكون من القوم في أمره شك، فأتى الحوت وأتين به حتى أفضن الى البر يجرّونه ويجرّهم، فكذبوه بعد ذلك فأرسل الله عليهم ريحا فقذفهم في البحر وقذف في البحر مواشيهم وما كانوا يملكون من ذهب وفضة وآنية، فأتى الولي الصالح الى البحر حتى أخذ الذهب والفضة والأواني فقسمها على أصحابه بالسويّة، وانقطع نسل هؤلاء القوم.

وأما الآخر فهم قوم كان لهم نهر يدعى الرسّ ينسبون إليه فكان فيهم أنبياء كثيرة قل يوم يقوم فيهم نبيّ إلّا قتل، وذلك النهر بمنقطع أذربيجان بينهما وبين أرمينية فإذا قطعته مدبرا ذاهبا دخلت في حدّ أرمينية، وإذا قطعته مقبلا دخلت حدّ أذربيجان وكان من حولهم من أهل أرمينية يعبدون الأوثان ومن قدّامهم من أهل أذربيجان يعبدون النيران، وهم كانوا يعبدون الحواري العذارى فإذا تمّت لإحداهن ثلاثون سنة قتلوها واستبدلوا غيرها.

وكان عرض نهرهم ثلاث فراسخ وكان يرتفع في كل يوم وليلة حتى بلغ أنصاف الجبال التي حوله، وكان لا ينصب في بر ولا بحر، إذا خرج من حدّهم يقف ويدور ثم يرجع، إليهم فبعث الله سبحانه إليهم ثلاثين نبيّا في شهر واحد فقتلوهم جميعا، فبعث الله إليهم نبيّا وأيّده بنصره وبعث معه وليّا فجاهدهم في الله حقّ جهاده ونابذوه على سواء، فبعث الله ميكائيل وكان ذلك في أوان وقوع الحب في الزرع وكانوا إذ ذاك أحوج ما كانوا إلى الماء ففجر نهرهم في البحر، فانصبّ ما في أسفله وأتى عيونها من فوق فسدّها.

وبعث الله أعوانه من الملائكة خمسمائة ألف ففرّقوا ما بقي في وسط النهر، ثم أمر الله سبحانه جبرئيل، فنزل فلم يدع في أرضهم عينا لا ماء ولا نهر إلّا أيبسه بإذن الله تعالى، وأمر ملك الموت فانطلق إلى المواشي فأماتها ربضة واحدة، وأمر الرياح الأربع الجنوب والشمال والصبا والدبور فقصمت ما كان لهم من متاع، وألقى الله عليهم السبات ثم خفقت الرياح الأربع بما كان من ذلك المتاع أجمع، فنهبته في رؤوس الجبال وبطون الأودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>