للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسّ في كلام العرب: كل محفور مثل البئر والمعدن والقبر ونحوها وجمعه رساس، قال الشاعر:

سبقت إلى فرط بأهل تنابلة ... يحفرون الرساسا «١»

وقال أبو عبيد: الرسّ: كلّ ركية لم تطو بالحجارة والآجر والخشب.

وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ في إقامة الحجّة فلم نهلكهم إلّا بعد الإعذار والإنذار وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً أهلكنا إهلاكا، وقال المؤرخ: قال الأخفش: كسّرنا تكسيرا.

وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ يعني الحجارة وهي قرية قوم لوط وكانت خمس قرى فأهلك الله سبحانه أربعا وبقيت الخامسة، واسمها صغر وكان أهلها لا يعملون ذلك العمل الخبيث.

أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها إذا مرّوا بها في أسفارهم فيعتبرون ويتذكروا. قال الله سبحانه بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ يخافون نُشُوراً بعثا وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً نزلت في أبي جهل كان إذا مرّ بأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال مستهزئا أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا قد كاد يصدّنا عن عبادتها لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها لصرفنا عنها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا وهذا وعيد لهم أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وذلك أنّ الرجل من المشركين كان يعبد الحجر أو الصنم، فإن رأى أحسن منه رمى به وأخذ الآخر فعبده، قال ابن عباس: الهوى إله يعبد من دون الله.

أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا حفيظا من الخروج إلى هذا الفساد، نسختها آية الجهاد أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ ما يقول: سماع طالب للإفهام أَوْ يَعْقِلُونَ ما يعاينون من الحجج والأعلام إِنْ هُمْ ما هم إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا لأنّ البهائم تهتدي لمراعيها ومشاربها وتنقاد لأربابها التي تعلفها وتعهدها، وهؤلاء الكفار لا يعرفون طريق الحق ولا يطيعون ربّهم الذي خلقهم ورزقهم.

أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ معناه ألم تر إلى مدّ ربك الظل، وهو ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس وإنّما جعله ممدودا لأنه لا شمس معه، كما قال في ظل الجنة (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) إذ لم يكن معه شمس، وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً دائما ثابتا لا يزول ولا تذهبه الشمس.

قال أبو عبيد: الظلّ ما نسخته الشمس وهو بالغداة والفيء ما نسخ الشمس وهو بعد الزوال، سمّي فيئا لأنه من جانب المشرق الى جانب المغرب ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ أي على


(١) جامع البيان للطبري: ١٩/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>