قالوا: لا.
قال: فإنها تقول: سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه.
وصاح قمريّ عند سليمان (عليه السلام) فقال: أتدرون ما يقول؟
قالوا: لا.
قال: فإنّه يقول: سبحان ربّي الأعلى، والغراب يدعو على العشّار، والحدأة تقول: كلّ شيء هالك إلّا الله. والقطاة تقول: من سكت سلم، والببغاء تقول: ويل لمن الدنيا همّه، والضفدع يقول: سبحان ربّي القدّوس، والبازي يقول: سبحان ربي وبحمده، والضفدعة تقول:
سبحان المذكور بكلّ مكان.
وأخبرنا الحسين بن محمد قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدّثنا الفضل بن العباس بن مهران قال: حدّثنا أبو عبيد قال: حدّثنا موسى بن إبراهيم قال: أخبرنا إسماعيل عن عياش عن زرّ عن مكحول قال: صاح درّاج عند سليمان بن داود (عليه السلام) فقال: أتدرون ما يقول؟
قالوا: لا.
قال فإنّه يقول: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى.
وبإسناده عن موسى بن إبراهيم قال: أخبرنا صالح الهروي عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الديك إذا صاح يقول: اذكروا الله يا غافلين» «١» [١٠٨] .
وروى جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جدّه عن الحسن بن علي قال: إذا صاح النسر قال: يا ابن آدم عش ما شئت آخره الموت، وإذا صاح العقاب قال: في البعد من الناس أنس، وإذا صاح القبّر قال: الهي العن مبغضي آل محمد، وإذا صاح الخطّاف قرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، يمدّ الضَّالِّينَ كما يمد للقارئ.
وَحُشِرَ وجمع لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ في مسير لهم فَهُمْ يُوزَعُونَ أي يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا، وذلك أنّه جعل على كلّ صنف منهم وزعة ترد أولاها على أخراها لئلّا يتقدّموا في المسير كما يصنع الملوك.
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: يُوزَعُونَ: يدفعون. ابن زيد ومقاتل:
يساقون، السدّي: يوقفون، وأصل الوزع في كلام العرب الكفّ والمنع، ومنه
الحديث: ما يزع السلطان أكثر ممّا يزع القرآن
ويقال للأمر أوزعه.
وفي الخبر: لا بدّ للناس من وزعة
. وقال الشاعر:
(١) تفسير القرطبي: ١٣/ ١٦٦.