للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ ابن عباس ومجاهد: فصّلنا، ابن زيد: وصلنا لهم خير الدنيا بخير الآخرة حتى كأنّهم عاينوا الآخرة في الدنيا، وقال أهل المعاني: أي والينا وتابعنا، وأصله من وصل الجبال بعضها إلى بعض، قال الشاعر:

فقل لبني مروان ما بال ذمّة ... وحبل ضعيف ما يزال يوصّل «١»

وقرأ الحسن وَصَلْنا خفيفة، وقراءة العامة بالتشديد على التكثير لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ أي من قبل محمد (عليه السلام) هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ نزلت في مؤمني أهل الكتاب وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يعني القرآن قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ. أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ لإيمانهم بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر بِما صَبَرُوا على دينهم، قال مجاهد: نزلت في قوم من أهل الكتاب أسلموا فأوذوا وَيَدْرَؤُنَ ويدفعون بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ القبيح من القول أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ أي دين الجاهلين عن الكلبي، وقيل: محاورة الجاهلين، وقيل: لا نريد أن نكون جهالا.

إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ أي من أحببت هدايته، وقيل: من أحببته، نزلت في أبي طالب.

حدّثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي- إملاء- قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن بشر، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد، عن زيد بن كيسان، قال: حدّثني أبو حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لعمّه: «قل لا إله إلّا الله أشهد لك بها يوم القيامة» [١٣٣] «٢» قال: لولا أن تعيّرني نساء قريش يقلن: إنّه حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك، فأنزل الله سبحانه إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ «٣» .


(١) جامع البيان للطبري: ٢٠/ ١٠٧. [.....]
(٢) مسند أحمد: ٢/ ٤٣٤.
(٣) روي أن الآية نزلت في الحارث بن نعمان بن عبد مناف راجع: شيخ الأبطح ٦٩ ط. بغداد ١٣٤٩ ونقل عن الواسطي نفي نزولها في أبي طالب وذكر الثعلبي في تفسير سورة التوبة نفي الحسن بن فضل لذلك، راجع تفسير قوله تعالى: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا.
وروى ابن كثير في تفسيره (٣/ ٣٩٥ مورد الآية) أنها نزلت في رسول قيصر.
ومما يؤيد نزولها في الحارث أن الآية التي بعدها اتفقوا على نزولها في الحارث كما ذكر ابن كثير، وراجع تفسير الكشاف ٢/ ١٦٧ وشيخ الأبطح ٦٩.
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق ٧٠/ ٢٤٤ ط. دار إحياء التراث قول جميلة بنت حرب: ... يا أبا طالب مت على دين الإسلام، قال: فلمّا خفت صوته فلم يبق منه شيء، قال: حرّك شفتيه، فقال العبّاس: فأصغيت إليه، فقال قولا خفيا: لا إله إلّا الله، فقال العبّاس للنبي صلى الله عليه وسلّم: يا ابن أخي قد والله قال أخي الذي سألته.
وروي ذلك في الروض الآنف للسهيلي: ١/ ٢٥٨، وزاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم: ٤/ ٣٥، وسيرة ابن إسحاق: ٢٣٨، والمواهب اللدنية: ١/ ١٣٣ وتاريخ الخميس: ١/ ٣٠٠.
ويؤيد ذلك: ما رواه أصحاب التواريخ من قول علي لمعاوية: «ليس أبو طالب كأبي سفيان» وكان ذلك بعد إسلام أبي سفيان فمقتضاه يدل على إسلام أبي طالب. راجع مروج الذهب: ٣/ ١٤، ووقعة صفين: ٤٧١ وربيع الأبرار: ٣/ ٤٧٠.
وروى السيوطي أيضا في الرسائل العشرة: ٨٤- ٢٥- ١٤٠ قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «أوحي إليّ: إنّي حرّمت النار على بطن حملك وحجر كفلك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>