أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ بمحمد والقرآن لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً منزل لِلْكافِرِينَ. وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا أي والذين قاتلوا لأجلنا أعداءنا لنصرة ديننا لنثبتهم على ما قاتلوا عنه.
قال أبو سورة: وَالَّذِينَ جاهَدُوا في الغزو لَنَهْدِيَنَّهُمْ سبيل الشهادة أو المغفرة.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن شنبه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن وهب، قال:
حدثنا إبراهيم بن سعيد، قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغر فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا.
وقال الفضيل بن عياض: وَالَّذِينَ جاهَدُوا في طلب العلم لَنَهْدِيَنَّهُمْ سبل العمل به.
وأخبرني أبو الحسن محمد بن القاسم بن أحمد، قال: حدثني أبو الطيب محمد بن أحمد ابن حمدون، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن أبي الجواري، قال: قال أبو أحمد- يعني عباس الهمداني- وأبو سليمان الداراني في قوله سبحانه: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا قال: الذين يعملون بما يعلمون يهديهم ربّهم إلى ما لا يعلمون.
وعن عمر بن عبد العزيز إنّه تكلم بكلمات وعنده نفر من العلماء، فقال له الوضين بن عطاء: بم أوتيت هذا العلم يا أبا مروان؟ قال: ويحك يا وضين إنّما قصر بنا من علم ما جهلنا بتقصيرنا في العمل بما علمنا، ولو أنّا عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علما لا تقوم به أبداننا.
وعن عبد الله بن الزبير قال: تقول الحكمة: من طلبني فلم يجدني فليطلبني في موضعين:
أن يعمل بأحسن ما يعلمه، أو يدع أسوأ ما يعلمه.
وروي عن ابن عباس: وَالَّذِينَ جاهَدُوا في طاعتنا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سبل ثوابنا. ضحاك: وَالَّذِينَ جاهَدُوا بالهجرة لَنَهْدِيَنَّهُمْ سبل الثبات على الإيمان، وقيل: وَالَّذِينَ جاهَدُوا بالثبات على الإيمان لَنَهْدِيَنَّهُمْ سبل دخول الجنان، سهل بن عبد الله: وَالَّذِينَ جاهَدُوا في إقامة السنّة لَنَهْدِيَنَّهُمْ سبل الجنة ثم قال: مثل السنّة في الدنيا كمثل الجنة في العقبى، من دخل الجنة في العقبى سلم، فكذلك من لزم السنّة في الدنيا سلم، وقال الحسين بن الفضل: فيه تقديم وتأخير مجازه: والذين هديناهم سبيلنا جاهدوا فينا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
بالنصر والمعونة في دنياهم، وبالثواب والمغفرة في عقباهم.