للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ: ببيان شرائع ملّتكم الحنيفية وأهديكم لدين خليلي إبراهيم.

كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يعني فكما أجبت دعوته بانبعاث الرّسول كذلك أجبت دعوته بأن أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين وهذا على قول من يجعله متصلا بما قبلها وجوابا للآية الأولى وهو إختيار الفرّاء.

وقال بعضهم: إنّها متعلّقة بما بعدها وهو قوله فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ تقديرها: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ... فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ فيكون جزأ له جوابان مقدّم ومؤخّر كما تقول: إذا جاءك فلان فآته ترضه. فقوله: فآته وترضه جوابان لقوله إذا جاءك وكقولك: إنّ تأتني أحسن إليك أكرمك وهذا قول مجاهد وعطاء والكلبي ومقاتل والأخفش وابن كيسان واختيار الزجّاج، وهذه الآية خطاب للعرب وأهل مكّة يعني: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ يا معشر العرب رَسُولًا مِنْكُمْ محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا يعني القرآن.

وَيُزَكِّيكُمْ أي يعلّمون من الأحكام وشرائع الإسلام.

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ قال ابن عبّاس: اذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي بيانه قوله:

وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا «١» الآية.

سعيد بن جبير: فَاذْكُرُونِي بطاعتي أَذْكُرْكُمْ بمغفرتي بيانه وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «٢» .

فضيل بن عياض: فَاذْكُرُونِي بطاعتي أَذْكُرْكُمْ بثوابي بيانه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ «٣»

وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«من أطاع الله فقد ذكر الله وإنّ قلّت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن»

[٦] «٤» .

وقيل: اذكروني بالتوحيد والإيمان أَذْكُرْكُمْ بالجنّات والدرجات بيانه: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ... إلى جَنَّاتٍ «٥» .

وقال ابو بكر الصدّيق رضي الله عنه: كفى بالتوحيد عبادة وكفى بالجنّة ثوابا.

ابن كيسان: اذكروني بالشكر أَذْكُرْكُمْ بالزّيادة: بيانه قوله لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ «٦» .

وقيل: اذكروني على ظهر الأرض أَذْكُرْكُمْ في بطنها.

قال الأصفى: رأيت أعرابيا واقفا يوم عرفة بالموقف وهو يقول: ضجّت إليك الأصوات


(١) سورة العنكبوت: ٦٩.
(٢) سورة آل عمران: ١٣٢.
(٣) سورة الكهف: ٣٠.
(٤) مجمع الزوائد: ٢/ ٢٥٨، والدر المنثور: ١/ ١٤٩.
(٥) سورة البقرة: ٢٥.
(٦) سورة إبراهيم: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>