للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاتَّقِ اللَّهَ فيها وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ أن لو فارقها تزوّجتها.

قال ابن عبّاس: حبّها. وقال قتادة: ودّ أنّه لو طلّقها. وَتَخْشَى النَّاسَ قال ابن عبّاس والحسن: تستحيهم، وقيل: وتخاف لائمة الناس أن يقولوا أمر رجلا بطلاق امرأته ثمّ نكحها حين طلّقها. وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ قال عمر وابن مسعود وعائشة: ما نزلت على رسول اله صلّى الله عليه آية هي أشدّ عليه من هذه الآية.

وأخبرني الحسين بن محمد الثقفي عن الفضل بن الفضل الكندي قال: أخبرني أبو العبّاس الفضل بن عقيل النيسابوري، عن محمد بن سليمان قال: أخبرني أبو معاوية عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: لو كتم النبيّ صلّى الله عليه وسلم شيئا ممّا أوحي إليه لكتم هذه الآية وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ.

وقد روي عن زين العابدين في هذه الآية ما

أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه عن طلحة بن محمد وعبد الله بن أحمد بن يعقوب قالا: قال أبو بكر بن مجاهد عن بن أبي مهران، حدّثني محمد بن يحيى أبي عمر العرني، عن سفيان بن عيينة قال: سمعناه من علي بن زيد بن زيد بن جدعان يبديه ويعيده قال: سألني علي بن الحسين: ما يقول الحسن في قوله عزّ وجلّ: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ (وَتَخْشَى النَّاسَ) وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ؟

فقلت يقول: لما جاء زيد إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إنّي أريد أن أطلّق زينب، فأعجبه ذلك، قال: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ قال علي بن الحسين: ليس كذلك، كان الله عزّ وجلّ قد أعلمه أنّها ستكون من أزواجه فإنّ زيدا سيطلّقها فلمّا جاء زيد قال: إنّي أريد أن أطلّق زينب، فقال: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ. يقول: فلم قلت: أمسك عليك زوجك، وقد أعلمتك أنّها ستكون من أزواجك.

وهذا التأويل مطابق للتلاوة وذلك أنّ الله عزّ وجلّ حكم واعلم إبداء ما أخفى، والله لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ، ثمّ لم نجده عزّ وجلّ أظهر من شأنه غير التزويج بقوله: زَوَّجْناكَها.

فلو كان أضمر رسول الله صلّى الله عليه محبّتها، أو أراد طلاقها، لكان لا يجوز على الله تعالى كتمانه مع وعده أن يظهره، فدلّ ذلك على أنّه (عليه السلام) إنّما عوتب على قوله:

أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ مع علمه بأنّها ستكون زوجته، وكتمانه ما أخبره الله سبحانه به حيث استحيا أن يقول لزيد: إنّ التي تحتك ستكون امرأتي والله أعلم.

وهذا قول حسن مرضي قوي، وإن كان القول الآخر لا يقدح في حال النبيّ صلّى الله عليه، لأنّ العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء ما لم يقصد فيه لمأثم.

قوله: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً أي حاجته من نكاحها زَوَّجْناكَها فكانت زينب تفخر على نساء النبي (عليه السلام) فتقول: أنا أكرمكنّ وليّا، وأكرمكنّ سفيرا، زوجكن أقاربكن وزوّجني الله عزّ وجلّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>