للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبيها قالوا: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ فقال النبي (عليه السلام) : هذا من العلم المكنون، ولو أنّكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به، إنّ الله تعالى وكّل بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلّي عليّ إلّا قال ذانك الملكان: غفر الله لك، وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين، ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلّي عليّ إلّا قال ذانك الملكان، لا غفر الله لك، وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين.

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ يعني بمعصيتهم إيّاه ومخالفتهم أمره. وقال عكرمة:

هم أصحاب التصاوير الذين يرومون تكوين خلق مثل خلق الله عزّ وجلّ،

وفي بعض الأخبار يقول الله جلّ جلاله: ومن أظلم ممّن أراد أن يخلق مثل خلقي فليخلق حبّة أو ذرّة

، وقال (عليه السلام) : لعن الله المصوّرين «١» .

وقال ابن عبّاس: هم اليهود والنصارى والمشركون، فأمّا اليهود فقالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ وقالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ. وقالت النصارى: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وثالِثُ ثَلاثَةٍ. وقال المشركون: الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه.

قال قتادة: في هذه الآية ما زال أناس من جهلة بني آدم حتى تعاطوا أذى ربّهم، وقيل:

معنى يُؤْذُونَ اللَّهَ يلحدون في أسمائه وصفاته، وقال أهل المعاني: يؤذون أولياء الله مثل قوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «٢»

وقول رسول الله صلّى الله عليه حين قفل من تبوك فبدا له أحد: هذا جبل يحبّنا ونحبّه

، فحذف الأهل، فأراد الله تعالى المبالغة في النهي عن أذى أوليائه فجعل أذاهم أذاه.

وَرَسُولَهُ قال ابن عبّاس: حين شج في وجهه وكسرت رباعيته وقيل له: شاعِرٌ وساحِرٌ ومُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ.

وروى العوفي عنه: أنّها نزلت في الذين طعنوا على النبي (عليه السلام) في نكاحه صفيّة بنت حيي بن أخطب

، وقيل: بترك سنّته ومخالفة شريعته.

لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً. وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا من غير أن عملوا ما أوجب الله أذاهم فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً.

قال الحسن وقتادة: إيّاكم وأذى المؤمن فإنّه حبيب ربّه، أحبّ الله فأحبّه، وغضب لربّه فغضب الله له، وإنّ الله يحوطه ويؤذي من آذاه. وقال مجاهد: يعني يقفونهم ويرمونهم بغير ما عملوا.

وقال مقاتل: نزلت في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك أنّ ناسا من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه.

وقيل: في شأن عائشة.

وقال الضحّاك والسدي والكلبي: نزلت في الزّناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتّبعون النساء إذا تبرّزن بالليل لقضاء حوائجهنّ، فيرون


(١) صحيح البخاري: ٦/ ١٨٨، والدر المنثور ١/ ٣٦٧.
(٢) سورة يوسف: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>