بني إسرائيل، وتكلّمت الملائكة بموته حتى عرف بنو إسرائيل أنّه مات، فبرّأه الله من ذلك، فانطلقوا به فدفنوه، فلم يطّلع على قبره أحد من خلق الله إلّا الرّخم فجعله الله أصمّ أبكم.
وقال أبو العالية: هو أنّ قارون استأجر مومسة لتقذف موسى (عليه السلام) بنفسها على رأس الملأ، فعصمها الله منه وبرّأ موسى من ذلك وأهلك هارون.
وقد مضت هذه القصّة.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً أي حقّا قصدا. ابن عبّاس: صوابا.
قتادة ومقاتل: عدلا. المؤرخ: مستقيما. عكرمة: هو قول: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ. ابن حيان: يعني قولوا في شأن زينب وزيد سديدا ولا تنسبوا رسول الله صلّى الله عليه إلى ما لا يحمل. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً.
قوله: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ قيل: كان العرض على أعيان هذه الأشياء، فأفهمهنّ الله خطابه وأنطقهنّ. وقيل: عرضها على من فيها من الملائكة.
وقيل: عرضها على أهلها كلّها دون أعيانها، وهذا كقوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «١» [أي أهلها] .
فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها مخافة وخشية لا معصية ومخالفة، وكان العرض تخييرا لا إلزاما وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ واختلفوا في الأمانة، فقال أكثر المفسّرين: هي الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده، عرضها على السماوات والأرض والجبال، إن أدّوها أثابهم وإن ضيّعوها عذّبهم، فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها وقالوا:
لا، نحن مسخّرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا.
فقال الله تعالى لآدم: إنّي عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم يطقنها، فهل أنت آخذها بما فيها؟ قال: يا ربّ وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، فتحمّلها آدم صلوات الله عليه وقال: بين أذني وعاتقي، فقال الله تعالى: أمّا إذا تحمّلت فسأعينك فاجعل لبصرك حجابا، فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحلّ لك فأرخ عليه حجابه واجعل للسانك لحيين وغلقا، فإذا خشيت فأغلق، واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرّمت عليك.
قالوا: فما لبث آدم إلّا مقدارا ما بين الظهر والعصر حتى أخرج من الجنّة. وقال مجاهد:
الأمانة الفرائض وحدود الدين. وأبو العالية: هي ما أمروا به ونهوا عنه. وقال زيد بن أسلم وغيره: هي الصوم والغسل من الجنابة وما يخفى من شرائع الدين.
أنبأني عقيل بن محمد، عن المعافى بن زكريا، عن محمد بن جرير الطبري، عن محمد بن خالد العسقلاني عن عبد الله بن عبد المجيد الحنفي قال: أخبرنا أبو العوام القطان عن قتادة
(١) سورة يوسف: ٨٢.