للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ أي على أهل سبأ، وقال مجاهد: على الناس كلّهم إلّا من أطاع الله فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إلّا تسليطنا إياه عليهم لِنَعْلَمَ: لنرى ونميز، ونعلمه موجودا ظاهرا كائنا موجبا للثواب والعقاب، كما علمناه قبل مفقودا معدوما بعد ابتلاء منا لخلقنا.

قال الحسن: والله ما ضربهم بسيف ولا عصا ولا سوط إلّا أماني وغرورا دعاهم إليها.

مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ الآية.

قُلِ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين أنت بين ظهرانيهم: ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنهم آلهة مِنْ دُونِ اللَّهِ، ثم وصفها فقال: لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ من خير وشر وضرّ ونفع، فكيف يكون إلها من كان كذلك؟ وَما لَهُمْ فِيهِما أي في السماوات والأرض مِنْ شِرْكٍ شركة وَما لَهُ أي لله مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ: عون.

وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ تكذيبا منه لهم حيث قالوا: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ، وقرأ أبو عمرو والأعمش وحمزة والكسائي: (أُذِنَ) بضم الألف، واختلف فيها عن عاصم، وقرأ غيرهم: بالفتح.

حَتَّى إِذا فُزِّعَ قرأ ابن عامر ويعقوب بفتح الفاء والزاي، [وقرأ] «١» غير هما: بضم الفاء وكسر الزاي، أي كشف الفزع، وأخرج عَنْ قُلُوبِهِمْ، وأخبرني ابن فنجويه قال: أخبرني أبو علي بن حبيس المقرئ قال: حدثنا أبو عبيد القاضي قال: أخبرني الحسين بن محمد الصباغ عن عبد الوهاب عن موسى الأسواري عن الحسن أنه كان يقرؤها (حتى إذا فرع عن قلوبهم) - بالراء والعين- يعني: فرعت قلوبهم من الخوف.

واختلفوا في هذه الكناية والموصوفين بهذه الصفة من هم؟ وما السبب الذي من أجله فزع عن قلوبهم؟

فقال قوم: هم الملائكة، ثم اختلفوا في سبب ذلك، فقال بعضهم: إنما يفزع عن قلوبهم غشية تصيبهم عند سماعهم كلام الله سبحانه.

أخبرنا عبد الله بن حامد عن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل عن الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله قال: إذا تكلم الله عز وجل بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان فيصعقون عند ذلك ويخرون سجدا، فإذا علموا أنه وحي فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ. قال: فيرد إليهم، فينادي أهل السماوات بعضهم بعضا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فرفعه بعضهم.


(١) زيادة اقتضاها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>