وقرأ الباقون: بغير همز، من التناول. يقال: نشته نوشا إذا تناولته.
قال الراجز:
فهي تنوش الحوض نوشا من علا ... نوشا به تقطع أجواز الفلا «١»
وتناوش القوم في الحرب إذا تناول بعضهم بعضا وتدانوا، واختار أبو عبيد: ترك الهمز لأنّ معناه: التناول، وإذا همز كان معناه البعد. فكيف يقول: أنى لهم البعد مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ:
من الآخرة؟ فكيف يتناولون التوبة، وإنما يقبل التوبة في الدّنيا وقد ذهبت الدّنيا فصارت بعيدة من الآخرة؟
وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ، أي من قبل نزول العذاب وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، يعني يرمون محمدا صلّى الله عليه وسلم بالظنون لا باليقين، وهو قولهم: إنه ساحر، بل شاعر، بل كاهن، هذا قول مجاهد، وقال قتادة: يعني يرجمون بالظن، يقولون: لا بعث ولا جنّة ولا نار.
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ، يعني التوبة والإيمان والرجوع إلى الدّنيا كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ أي أهل دينهم وموافقهم من الأمم الماضية حين لم يقبل منهم الإيمان والتوبة في وقت البأس إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ.