للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ ونصب اسْتِكْباراً على البدل من النفور، قاله الأخفش، وقيل:

على المصدر، وقيل: نزع الخافض. وَمَكْرَ السَّيِّئِ يعني العمل القبيح، وقال الكلبي: هو إجماعهم على الشرك وقتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، أي لا يحل ولا ينزل، ويحيط ويلحق فقتلوا يوم بدر، وقراءة العامة: السَّيِّئِ بإشباع الإعراب فيها، وجزم الأعمش وحمزة (ومكر السّي) تخفيفا وكراهة لالتقاء الحركات ولم يعملا ذلك في الأخرى، والقراءة المرضية ما عليه العامة.

وفي الحديث أنّ كعبا قال لابن عباس: قرأت في التوراة: من حفر حفرة وقع فيها. فقال ابن عباس: أنا أوجد لك ذلك في القرآن، ثم قرأ قوله سبحانه وتعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.

وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا محمد بن الحسن البلخي قال: حدّثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا يونس بن يزيد عن الزهري قال:

بلغنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لا تمكر ولا تعن ماكرا فإن: الله سبحانه وتعالى يقول: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، ولا تبغ ولا تعن باغيا، بقول الله سبحانه وتعالى: إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ «١» ولا تنكث ولا تعن ناكثا فإنّ الله سبحانه يقول: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ «٢» » [٦٥] «٣»

فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ يعني العذاب إذا كفروا فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا.

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً. وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا من الجرائم ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها، يعني الأرض كناية عن غير مذكور مِنْ دَابَّةٍ.

قال الأخفش والحسين بن الفضل: أراد بالدابة: الناس دون غيرهم، وأجراها الآخرون على العموم.

أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه [عن] الفربابي قال: حدّثني أبو مسعود أحمد بن الفرات قال: أخبرنا أبو عوانة قال: حدّثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «إذا أصاب الله عز وجل قوما بعذاب أصاب به من بين ظهرانيهم ثم يبعثون على أعمالهم يوم القيامة» [٦٦] .


(١) سورة يونس: ٢٣.
(٢) سورة الفتح: ١٠.
(٣) تفسير القرطبي: ١٤/ ٣٦٠، اختلاف في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>