للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ أي لا تنتقمون ولا ينصر بعضهم بعضا، يقوله خزنة النار للكفار، وهذا جواب أبي جهل حين قال يوم بدر: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ.

قال الله سبحانه وتعالى: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ قال ابن عباس: خاضعون. الحسن:

منقادون. الأخفش: ملقون بأيديهم، وقال أهل المعاني: مسترسلون لما لا يستطيعون له دفعا ولا منه امتناعا كحال الطالب السلامة في نزل المنازعة.

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يعني: الرؤساء والأتباع يَتَساءَلُونَ: يتخاصمون.

قالُوا يعني: الأتباع للرؤساء: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ أي من قبل اليمين فتضلوننا عنه، قاله الضحاك، وقال مجاهد: عن الصراط الحق: وقال أهل المعاني: أي من جهة النصيحة والبركة والعمل الذي يتيمن به، والعرب تتيمن بما جاء عن اليمين، وقال بعضهم:

أي عن القوة والقدرة كقول الشماخ.

إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين «١»

أي بالقوة وغرابة اسم ملك اليمن.

قالُوا يعني: الرؤساء بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ. فَحَقَّ عَلَيْنا وعليكم قَوْلُ رَبِّنا يعنون قوله سبحانه: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ «٢» .

إِنَّا جميعا لَذائِقُونَ العذاب.

فَأَغْوَيْناكُمْ: فأضللناكم لأنا كُنَّا غاوِينَ ظالمين، قال الله سبحانه: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ. إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ. إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ. وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ يعني النبي صلّى الله عليه وآله. قال الله سبحانه ردا عليهم: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ. إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ. وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ. أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ يعني: بكرة وعشية، كقوله:

وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا «٣» .

فَواكِهُ: جمع الفاكهة، وهي كلّ طعام يؤكل للتلذذ لا للقوت الذي يحفظ الصحة، يقال: فلان يتفكّه بهذا الطعام، وَهُمْ مُكْرَمُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ: إناء فيه شراب، ولا يكون كأسا حتى يكون فيه شراب، وإلّا فهو إناء،


(١) لسان العرب: ١/ ٥٩٣.
(٢) سورة السجدة: ١٣.
(٣) سورة مريم: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>