يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته، فعظمت مصيبتها فيه، فخرجت في طلب إلياس فلم تزل ترقى الجبال وتطوف فيها حتى عثرت عليه ووجدته فقالت له: إني قد فجعت بعدك بموت ابني فعظمت فيه مصيبتي واشتد لفقده بلائي وليس لي ولد غيره فارحمني وادع ربك جل جلاله ليحيي لي ابني ويجبر مصيبتي، وإني قد تركته مسجّى لم أدفنه، وقد أخفيت مكانه. فقال لها إلياس:«ليس هذا مما أمرت به، وإنما أنا عبد مأمور أعمل بما يأمرني ربي، ولم يأمرني بهذا» فجزعت المرأة وتضرعت، فأعطف الله سبحانه قلب إلياس لها، فقال لها:«ومتى مات ابنك؟» قالت: منذ سبعة أيام.
فانطلق إلياس معها وسار سبعة أخرى حتى انتهى إلى منزلها فوجد ابنها يونس بن متّى ميتا منذ أربعة عشر يوما، فتوضأ وصلّى ودعا فأحيا الله يونس بن متّى بدعوة إلياس. فلما عاش وجلس، وثب إلياس وانصرف وتركه وعاد إلى موضع ما كان فيه. فلما طال عصيان قومه ضاق بذلك إلياس ذرعا وأجهده البلاء، قال: فأوحى الله سبحانه إليه بعد سبع سنين وهو خائف مجهود: «يا إلياس ما هذا الحزن والجزع الذي أنت فيه؟ ألست أميني على وحيي، وحجّتي في أرضي، وصفوتي من خلقي؟ فسلني أعطك فإني ذو الرحمة الواسعة والفضل العظيم» قال:
«تميتني فتلحقني بآبائي فإني قد مللت بني إسرائيل وملّوني، وأبغضتهم فيك وأبغضوني» . فأوحى الله سبحانه إليه:«يا إلياس، ما هذا باليوم الذي أعري منك الأرض وأهلها، وإنما قوامها وصلاحها بك وأشباهك وإن كنتم قليلا، ولكن تسألني فأعطيك» .
قال إلياس:«فإن لم تمتني يا إلهي فأعطني ثاري من بني إسرائيل» . قال الله سبحانه:
«وأي شيء تريد أن أعطيك يا إلياس؟» قال: «تمكّنني من خزائن السماء سبع سنين فلا تنشأ عليهم سحابة إلّا بدعوتي، ولا يمطر عليهم سبع سنين قطرة إلّا بشفاعتي، فإنهم لا يذلّهم إلّا ذلك» . قال الله سبحانه وتعالى:«يا إلياس، أنا أرحم بخلقي من ذلك وإن كانوا ظالمين» . قال:«فستّ سنين» . قال:«أنا أرحم بخلقي من ذلك وإن كانوا ظالمين» .
قال:«فخمس سنين» . قال:«أنا أرحم بخلقي من ذلك وإن كانوا ظالمين، ولكنّي أعطيك ثأرك ثلاث سنين، أجعل خزائن المطر بيدك، ولا تنشأ عليهم سحابة إلّا بدعوتك، ولا ينزل عليهم قطرة إلّا بشفاعتك» . قال إلياس:«فبأي شيء أعيش؟» قال: «أسخّر لك جنسا من الطير ينقل إليك طعامك وشرابك من الريف والأرض التي لم تقحط» .
قال إلياس:«قد رضيت» .
قال: فأمسك الله عنهم المطر حتى هلكت الماشية والدواب والهوام والشجر، وجهد