للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: قرب، ونظيرها هذه الآية قوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ «١» أيّ قربت القيامة.

إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ من الخوف قد زالت وشخصت من صدورهم، فتعلقت بحلوقهم فلا هي تعود إلى أماكنها ولا هي تخرج من أفواههم فيموتوا فليسوا سواء «٢» نظيره قوله: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ «٣» ... كاظِمِينَ مكروبين ممتلئين خوفا وحزنا، والكاظم الممسك للشيء على ما فيه، ومنه كظم قربته إذا شد رأسها، فهم قد أطبقوا أفواههم على ما في قلوبهم من شدة الخوف، والكظم تردد الغيظ والخوف والحزن في القلب حين يضيق به.

يقول العرب للبئر الضيقة وللسقاية المملوءة: ماء كظامة وكاظمة، ومنه الحديث: كيف بكم [إذا] بعجت مكة كظائم.

قال الشاعر:

يخرجن من كاظمة الح صن الخرب ... يحملن عبّاس بن عبد المطلب «٤»

ونصب كاظِمِينَ على الحال والقطع.

ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ قريب وصديق، ومنه قيل للأقرباء والخاصة حامّة وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ فيشفع فيهم يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ.

وقال المؤرخ: فيه تقديم وتأخير مجازه أي الأعين الخائنة قال ابن عبّاس: هو الرجل يكون جالسا مع القوم، فتمر المرأة فيسارقهم النظر إليها.

وقال مجاهد: هي نظر الأعين إلى ما نهى الله تعالى عنه.

قتادة: هي همزة بعينه وإغماضه فيما لا يحب الله تعالى ولا يرضاه.

وَما تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ يعني الأوثان لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ لأنها لا تعلم شيء ولا تقدر على شي.

وقرأ أهل المدينة وأيوب: تدعون بالتاء، ومثله روى هشام عن أهل الشام والباقون:

بالياء.

إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً.


(١) سورة النجم: ٥٧.
(٢) تفسير الطبري: ٢٤/ ٦٧ بتفاوت.
(٣) سورة إبراهيم: ٤٣.
(٤) لسان العرب: ١٥/ ٣٩٥، وفيه: (صبحن) بدل (يخرجن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>