قال عكرمة والضحاك: يعنيو قدر في كل بلدة منها، ما لم يجعله في الأخرى، ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد، فالسابري من سابور، والطيالسة من الري، والحبر واليمانية من اليمن، وهي رواية حصين، عن مجاهد.
وروى حيان، عن الكلبي، قال: الخبز لأهل قطر، والتمر لأهل قطر، والذرة لأهل قطر، والسمك لأهل قطر، وكذلك أخواتها.
فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يعني إنّ هذا مع الأول أربعة أيّام، كما يقول: تزوجت أمس امرأة واليوم اثنتين وأحدهما الّتي تزوجتها أمس، ويقال: أتيت واسط في خمسة والبصرة في عشرة، فالخمسة من جملة العشرة. فرد الله سبحانه الآخر على الأوّل، وأجمله في الذكر.
سَواءً رفعه أبو جعفر على الابتداء، أي هي سواء، وخفضه الحسن ويعقوب على نعت قوله: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، ونصبه الباقون على المصدر، أي استوت استواء، وقيل: على الحال والقطع، ومعنى الآية: سَواءً لِلسَّائِلِينَ عن ذلك، قال قتادة والسدي: من سأله عنه، فهكذا الأمر، وقيل: للسّائلين الله حوائجهم.
قال ابن زيد: قدر ذلك على قدر مسائلهم، لأنّه لا يكون من مسائلهم شيء إلّا قد علمه قبل أن يكون.
قال أهل المعاني: معناه سَواءً لِلسَّائِلِينَ وغير السائلين، يعني إنّه بيّن أمر خلق الأرض وما فيها لمن سأل ومن لم يسأل، ويعطي من سأل ومن لم يسأل.
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ أي عمد إلى خلق السماء وقصد، تسويتها، والإستواء من صفة الأفعال على أكثر الأقوال، يدل عليه قوله سبحانه وتعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ بخار الماء. فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً أي جيئا بما خلقت فيكما من المنافع، وأخرجاها، وأظهراها بمصالح خلقي. قال ابن عباس: قال الله تعالى للسّماوات:
اطلعي شمسك وقمرك ونجومك، وقال للأرض: شقي أنهارك واخرجي ثمارك.
قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ولم يقل طائعتين، لأنّه ذهب به إلى السّماوات والأرض ومن فيهنّ، مجازه: أَتَيْنا بمن فينا طائِعِينَ، فلمّا وصفهما بالقول أخرجهما في الجمع مجرى ما يعقل، وبلغنا أنّ بعض الأنبياء، قال: يا ربّ لو إنّ السّماوات والأرض حين قلت لهما ائتيا طوعا أو كرها عصيناك، ما كنت صانعا بهما؟ قال: كنت آمر دابة من دوابي فتبتلعهما. قال: وأين تلك الدابة؟. قال: في مرج من مروجي. قال: وأين ذلك المرج؟ قال: في علم من علمي.
وقرأ ابن عباس: آتيا وآتينا بالمد، أي أعطينا الطاعة من أنفسكما. قالتا: أعطينا.