للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس من مات واستراح بميّت ... إنّما الميت ميّت الأحياء

فجمع بين اللّغتين.

وحكى أبو معاذ عن النحويّين وقال: إنّ الميت بالتخفيف الّذي فارقه الرّوح، والميّت بالتشديد الّذي لم يمت بعد وهو يموت قال الله عزّ وجلّ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «١» : لم يختلفوا في تشديده والله أعلم. والميتة: كلّ ما لم تدرك ذكاته وهو ممّا يذبح، والدّم: أراد به الدّم الجاري يدلّ عليه قوله عزّ وجلّ: أَوْ دَماً مَسْفُوحاً «٢» مقيّد.

وهذه الآية مخصوصة بالسنّة وهو

قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «حلّلت أنا ميّتان ودمان فأمّا الميّتان فالحوت والجراد، وأمّا الدّمان فالكبد والطّحال»

[٢٠] «٣» .

وقوله وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ أراد به جميع أجزائه وكلّ بدنه فعبّر بذلك عن اللّحم لأنّه معظمه وقوامه.

وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أي ما ذبح عن الأصنام والطّواغيت. كما قاله ابن عبّاس ومجاهد وقتادة والضّحاك، وأصل الإهلال رفع الصّوت ومنه إهلال الحج وهو رفع الصّوت بالتّلبية. قال ابن أحمر:

نصف فلاة يهلّ بالفرقد ركبانها ... كما يهلّ الراكب المعتمر

وقال آخر:

أو درّة صدفية غواصها ... يهيج متى يرها تهلّ وتسجد

ومنه [أهل] الصّبي واستهلاله، وهو صياحه عند خروجه من بطن أمّه،

وفي الحديث:

«كيف آذي من لا نطق ولا استهلّ ولا شرب ولا أكل»

[٢١] فمثل ذلك يطل، ومثل إهلال المطر واستهلاله وانهلاله وهو صوت وقوعه على الأرض.

قال عمر بن قميئة:

ظلم البطاح له انهلال حريصة ... فصفا النّطاف له بعيد المقلع «٤»

وانّما قال: وَما أُهِلَّ بِهِ لأنهم كانوا إذا ذبحوا لآلهتهم الّتي ربّوها جهروا به أصواتهم فجرى ذلك من أمرهم حتّى قيل: لكل ذابح سمّى أو لم يسمّ جهر بالصّوت أو لم يجهر مهلّ.

الربيع بن أنس وغيره: وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ما ذكر عليه غير اسم الله. وقال الزهري:


(١) سورة الزمر: ٣٠.
(٢) سورة الأنعام: ١٤٥.
(٣) مسند أحمد: ٢/ ٩٧، وسنن ابن ماجة: ٢/ ١١٠٢ ح ٣٣١٤.
(٤) تفسير الطبري: ٢/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>