للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنبأني عبد الله بن حامد، أخبرنا حاجب بن أحمد بن يرحم بن سفيان، حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا وكيع، حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصاني عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنّي لأرى هذه الآية نزلت وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ.. الآية في المؤذنين.

وروى جرير بن عبد الحميد عن فضيل بن رفيدة، قال: كنت مؤذنا في زمن أصحاب عبد الله، فقال لي عاصم بن هبيرة: إذا أذّنت وفرغت من آذانك، فقل: الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله، وأنا من المسلمين، ثمّ أقرأ هذه الآية: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ قال الفراء:

ولا هاهنا صلة معناه ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، وأنشده:

ما كان يرضي رسول الله فعلهما ... والطيبان أبو بكر وعمر «١»

أي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ قريب صديق، قال مقاتل: نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان مؤذيا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فصار له وليّا، بعد أن كان عدوا. نظيره قوله تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً «٢» ، قال ابن عباس: أمر الله تعالى في هذه الآية بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.

وَما يُلَقَّاها يعني هذه الخصلة والفعلة. إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ في الخير والثواب، وقيل: ذو حظ. وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لاستعاذتك وأقوالك. الْعَلِيمُ بأفعالك وأحوالك.

وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إنما قال خلقهنّ بالتأنيث لأنّه أجرى على طريق جمع التكسير، ولم يجر على طريق التغليب للمذكر على المؤنث لأنّه فيما لا يعقل. إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا عن السجود. فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يعني الملائكة. يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ.

لقوله تعالى: لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ، وَلَهُ يَسْجُدُونَ «٣» .

وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً يابسة دارسة لا نبات فيها. فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا أي يميلون عن الحقّ في أدلتنا.


(١) جامع البيان للطبري: ٢/ ٧١.
(٢) سورة الممتحنة: ٧.
(٣) سورة الأعراف: ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>