وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى، وقرأه الباقين بفتح الميم على المصدر، واختاره أبو عبيد، قال: لقوله:
هُدىً وَشِفاءٌ فكذلك عَمًى مصدر مثلها، ولو إنّها هاد وشاف لكان الكسر في عمى أجود ليكون نعتا مثلهما.
أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ قال بعض أهل المعاني: قوله: أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ خبر لقوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ، وحديث عن محمد بن جرير، قال:
حدثني شيخ من أهل العلم، قال: سمعت عيسى بن عمر سأل عمرو بن عبيد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ، أين خبره؟ فقال عمرو: معناه في التفسير إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ كفروا به وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ فقال عيسى بن عمر: أجدت يا أبا عثمان.
وقوله تعالى: يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ مثل لقلت استماعهم وانتفاعهم بما يوعظون به، كأنهم ينادون إلى الإيمان وبالقرآن من حيث لا يسمعون لبعد المسافة.
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فمؤمن به وكافر، ومصدّق ومكذّب. كما أختلف قومك في كتابك. وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ في تأخير العذاب. لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ من عذابهم وعجل إهلاكهم.
وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ فإنّه لا يعلمه غيره،
وذلك إنّ المشركين، قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلم: لئن كنت نبيا، فأخبرنا عن الساعة متى قيامها؟، ولئن كنت لا تعلم ذلك فإنّك لست بنبيّ. فانزل الله تعالى هذه الآية.
وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ من صلة ثمرات، بالجمع أهل المدينة والشام، غيرهم ثمرة على واحدة. مِنْ أَكْمامِها أوعيتها، واحدتها كمة، وهي كلّ ظرف لمال أو وغيره، وكذلك سمّي قشرة الكفري، أي الذي ينشق عن الثمرة كمه. قال ابن عباس: يعني الكفري قبل أن ينشق، فإذا انشقت فليست بأكمام. وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ يقول إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ كما يردّ إليه علم الثمار والنتاج.
وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ يعني ينادي الله تعالى المشركين. أَيْنَ شُرَكائِي الّذين تزعمون في الدّنيا إنّها آلهة. قالُوا يعني المشركين، وقيل: الأصنام، يحتمل أن يكون القول راجعا إلى العابدين وإلى المعبودين أيضا آذَنَّاكَ أعلمناك وقيل: أسمعناك. ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ شاهد إنّ لك شريك لما عاينوا القيامة تبرؤا من الأصنام، وتبرأ الأصنام منهم وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ في الدنيا.
وَظَنُّوا أيقنوا. ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ مهرب، و (ما) هاهنا حرف وليس باسم، فلذلك لم يعمل فيه الظنّ، وجعل الفعل ملقى.