للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجازه: الله يمحو الباطل. فحذفت منه الواو في المصحف، وهو في وضع رفع كما حذفت من قوله: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ «١» سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ «٢» على اللفظ.

وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ. [.......] «٣» . إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ

قال ابن عباس:

لما نزلت لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ... وقع في قلوب قوم منها شيء، وقالوا: ما يريد إلّا أن يحثنا على أقاربه من بعده. ثمّ خرجوا، فنزل جبريل (عليه السلام) فأخبره إنّهم اتهموه وأنزل هذه الآية، فقال القوم: يا رسول الله فإنّا نشهد إنّك صادق، فنزل وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ

واختلفت عبارات العلماء في حقيقة التوبة وشرائطها.

أخبرنا الإمام أبو القاسم الحسن بن محمّد بن حبيب بقراءته عليّ. في شهور سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، حدثنا محمّد بن سليمان بن منصور، حدثنا محمّد مسكان بن جبلة بساوة.

أخبرنا عبد الله بن عبد العزيز بن أبي داود عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، قال: دخل إعرابي مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال: اللهمّ إنّي استغفرك وأتوب إليك، سريعا وكبّر، فلما فرغ من صلاته قال له علي: يا هذا إنّ سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذّابين، وتوبتك تحتاج إلى توبة، قال: يا أمير المؤمنين وما التوبة؟ قال: اسم يقع على ستة معاني: على الماضي من الذنوب الندامة، ولتضييع الفرائض الإعادة، وردّ المظالم، وإذابة النفس في الطاعة كما أذبتها في المعصية، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية، والبكاء بدل كلّ ضحك ضحكته.

وسمعت الحسن بن محمّد بن الحسن، يقول: سمعت إبراهيم بن يزيد، يقول: سمعت حسن بن محمّد الترمذي يقول: قيل لأبي بكر محمّد بن عمر الوراق: متى يكون الرجل تائبا؟

فقال: إذا رجع إلى الله فراقبه واستحياه وخاف نقمته فيما عصاه، والتجاء إلى رحمته فرجاه، وذكر حلمه في ستره فأبكاه، وندم على مكروه أتاه، وشكر ربّه على ما أتاه، وفهم عن الله وعظه فوعاه، وحفظ عهده فيما أوصاه.

وسمعت الحسن بن محمّد بن حبيب، يقول: سمعت أبا منصور محمّد بن محمّد بن سمعان المذكر، يقول: سمعت أبا بكر بن الشاه الصوفي الفارسي، يقول: سئل الحرب بن أسد المحاسبي: من التائب؟ فقال: من رأى نفسه من الذنوب معصوما، وللخيرات موفقا، ورأى الفرح من قلبه غائبا والحزن فيه باقيا، وأحبّه أهل الخير، وهابه أهل الشّر، ورأى القليل من الدّنيا كثيرا، ورأى الكثير من عمل الآخرة قليلا، ورأى قلبه فارغا من كلّ ما ضمن له، مشتغلا


(١) سورة الإسراء: ١١.
(٢) سورة العلق: ١٨.
(٣) بياض في المخلوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>