للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن رجاء، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن ابن أبي داود «١» ، عن الضحاك، قال: ما تعلّم رجل القرآن ثمّ نسيه إلّا بذنب، ثمّ قرأ وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، ثمّ قال: وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن «٢» . وقال الحسن في هذه الآية: هذا في الحدود.

وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ هربا. وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ يعني السّفن، واحدتها جارية وهي السائرة في البحر، قال الله تعالى: حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ «٣» .

فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ أي الجبال، مجاهد: القصور، واحدها علم.

وقال الخليل بن أحمد: كلّ شيء مرتفع عند العرب فهو علم.

قالت الخنساء ترثي أخاها صخرا:

وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنّه علم في رأسه نار «٤»

إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ ثوابت وقوفا عَلى ظَهْرِهِ أي على ظهر الماء.

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ أَوْ يُوبِقْهُنَّ يهلكهنّ. بِما كَسَبُوا أي بما كسب أصحابها وركبانها من الذنوب. وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ فلا يعاقب عليها ويعلم.

قرأ أهل المدينة والشام بالرفع على الاستئناف كقوله في سورة براءة: وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ «٥» ، وقرأها الآخرون نصبا على الصرف كقوله تعالى: وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ «٦» صرف من حال الجزم إلى النصب استحقاقا وكراهة لعوال الجزم، كقول النابغة:

فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع النّاس والشهر الحرام

ونمسك بعده بذناب عيش ... أجبّ الظهر له سنام «٧»

وقال آخر:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم «٨»


(١) في تفسير القرطبي: رواد.
(٢) المصنف لابن أبي شيبة: ٧/ ١٦٢، وتفسير القرطبي: ١٦/ ٣٠، وتفسير ابن كثير: ٤/ ١٢٦.
(٣) سورة الحاقة: ١١.
(٤) بلاغات النساء: ٣١، مجمع البحرين: ٢/ ٥٨٩.
(٥) سورة التوبة: ١٥.
(٦) سورة آل عمران: ١٤٢.
(٧) جامع البيان للطبري: ٢٥/ ٤٦.
(٨) الصحاح: ٣/ ١١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>