وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ أي استبدلوا الضلالة.
بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ.: اختلفوا في «ما» .
فقال قوم: هي «ما» التعجب، واختلفوا في معناه.
فقال الحسن وقتادة والرّبيع: والله ما لهم عليها من صبر ولكن ما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النّار قال: وهذه لغة يمانية.
وقال الفراء: اخبرني الكسائي، أخبرني قاضي اليمن: إنّ خصمين اختصما إليه فوجبت اليمين على أحدهما فحلف، فقال خصمه: ما أصبرك على الله ... ! أي ما أجرأك عليه.
وقال المورج: فما أصبرهم على عمل يؤديهم إلى النّار لأنّ هؤلاء كانوا علماء.
فانّ من عاند النّبي صلّى الله عليه وسلّم صار من أهل النّار.
الكسائي وقطرب: معناه ما أصبرهم على عمل أهل النّار أي ما أدومهم عليه ... كما تقول: ما أشبه سخاك بحاتم: أي بسخاء حاتم.
مجاهد: ما أعلمهم بأعمال أهل النّار، وقيل: ما أبقاهم في النّار! كما يقال: ما أصبر فلانا على الضرب والحبس ... !
عطاء والسّدي وابن زيد وأبو بكر بن عبّاس: هي «ما» الاستفهام ومعناه: ما الذي صبرهم وأيّ شيء صبّرهم على النّار حين تركوا الحق واتبعوا الباطل.
فقيل هذا على وجه الاستهانة.
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ قال بعضهم معناه ذلِكَ العذاب بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ واختلفوا فيه، وحينئذ تكون «ذلك» في محل الرّفع، وقال بعضهم محله نصب.
معناه: فعلنا ذلك بهم بأنّ الله عزّ وجلّ، أو لأنّ الله نزّل الكتاب بالحقّ، واختلفوا فيه، وكفروا به فنزع حرف الصّفة.
وقال الأخفش: خبر ذلك مضمر معناه: ذلك معلوم لهم بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ.
وقال بعضهم: معناه «ذلِكَ» : أي فعلهم الذين يفعلون من الكفر والاختلاف والاجتراء على الله تعالى من أجل إنّ الله نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ، وتنزيله الكتاب بالحقّ هو اخباره عنهم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ «١» .
وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ فآمنوا ببعض وكفروا ببعض.
(١) سورة البقرة: ٦.