للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا آسَفُونا أغضبونا، وقال الحسين بن الفضل: خالفونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً قرأ علي وابن مسعود بضم السين وفتح اللام، وقال المؤرخ والنضر بن شميل: هي جمع سلفة، مثل طرقة وطرق، وغرفة وغرف، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي بضم السين واللام، قال الفراء: هو جمع سليف، وحكي عن القاسم بن معين إنّه سمع العرب تقول: مضى سليف من الناس، وقال أبو حاتم: سلف وسلف واحد، مثل خشب وخشب، وثمر وثمر وقرأ الباقون فتح السين واللام على جمع السالف مثل حارس وحرس، وراصد ورّصد، وهم جميعا: الماضون المتقدمون من الأمم.

وَمَثَلًا عبرة. لِلْآخِرِينَ لمن يجيء بعدهم، قال المفسرون: سلفا لكفّار هذه الأمة إلى النّار.

وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا في خلقه من غير أب. فشبه بآدم من غير أب ولا أم. إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ويقولون ما يريد محمد منا إلّا أن نعبده ونتخذه إلها كما عبدت النصارى عيسى. قاله قتادة.

وقال ابن عباس: أراد به مناظرة عبد الله بن الزبعري مع النبي صلّى الله عليه وسلم وشأن عيسى (عليه السلام) ، وقد ذكرناها في الأنبياء (عليهم السلام) وأختلف القرّاء في قوله: يَصِدُّونَ فقرأ أهل المدينة والشام وجماعة من الكوفيين بضم الصاد، وهي قراءة علي والنخعي ومعناه يعرضون، ونظيره قوله: رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً «١» .

وقرأ الباقون بكسر الصاد، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم واختلفوا في معناه، فقال الكسائي: هما لغتان مثل يَعْرِشُونَ ويعرشون، ويَعْكُفُونَ ويعكفون، ودرّت الشاة تدر وتدر، وشذ عليه يشذ ويشد، ونمّ الحديث ينمه وينمه، وقال ابن عباس: معناه يضجون. سعيد بن المسيب:

يصيحون ضحاك: يعجون. قتادة: يجزعون ويضحكون، وقال القرظي: يضجرون.

وقال الفراء: حدثني أبو بكر بن عياش أنّ عاصما قرأ يَصِدُّونَ من قراءة أبي عبد الرحمن، وقرأ يَصُدُّونَ، وفي حديث آخر إنّ ابن عباس لقي أخي عبيد بن عمير، فقال: إنّ عمك لعربي، فماله يلحن في قوله سبحانه وتعالى: إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ؟.

وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ يعنون محمدا صلّى الله عليه وسلم فنعبد إلهه ونطيعه ونترك آلهتنا، هذا قول قتادة، وقال السدي وابن زيد: أَمْ هُوَ يعنون عيسى (عليه السلام) ، قالوا: يزعم محمد إنّ كلّ ما عبد من دون الله في النّار، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عزير وعيسى والملائكة في النّار.

قال الله تعالى: ما ضَرَبُوهُ يعني هذا المثل. لَكَ إِلَّا جَدَلًا خصومة بالباطل.


(١) سورة الرعد: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>