للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ يعني إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ في قولكم وبزعمكم، فأنا أول الموحدين المؤمنين بالله في تكذيبكم والجاحدين لما قلتم من إنّ له ولدا.

قاله مجاهد.

وقال ابن عباس: يعني ما كان للرّحمن ولد وأنا أول الشاهدين له بذلك والعابدين له، جعل بمعنى النفي والجحد، يعني ما كان وما ينبغي له ولد. ثمّ ابتداء فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ، وقال السدي: معناه، قُلْ: إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أول من عبده بأنّ له ولد، ولكن لا ولد له، وقال قوم من أهل المعاني: معناه، قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ. فَأَنَا أَوَّلُ الآنفين من عبادته.

ويحتمل أن يكون معناه ما كان للرحمن ولد. ثم قال: فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ الآنفين من هذا القول المنكرين إنّ له ولدا. يقال عبد إذا أنف وغضب عبدا. قال الشاعر:

ألا هويت أم الوليد وأصحبت ... لما أبصرت في الرأس مني تعبد «١»

وقال آخر:

متى ما يشاء ذو الود يصرّم خليله ... ويعبد عليه لا محالة ظالما «٢»

أخبرنا عقيل بن محمد إجازة، أخبرنا أبو الفرج، أخبرنا محمد بن جرير، حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، حدثنا ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن ابن قشط، عن نعجة بن بدر الجهني إنّ امرأة منهم دخلت على زوجها- وهو رجل منهم أيضا- فولدت في ستة أشهر فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفان رضي الله عنه وأمر بها ترجم، فدخل عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: إنّ الله تعالى يقول في كتابه: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً «٣» وقال:

(وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) قال: فو الله ما عبد عثمان رضي الله عنه أن بعث إليها ترد. قال عبد الله بن وهب:

ما استنكف ولا أنف «٤»

سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يكذبون. فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا في باطلهم. وَيَلْعَبُوا في دنياهم. حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ يعني يعبد في السّماء ويعبد في الأرض. وَهُوَ الْحَكِيمُ في تدبير خلقه.

الْعَلِيمُ بصلاحهم.


(١) جامع البيان للطبري: ٢٥/ ١٣١.
(٢) جامع البيان للطبري: ٢٥/ ١٣١.
(٣) سورة الأحقاف: ١٥.
(٤) تفسير ابن كثير: ٤/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>