للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً غالبا. وقيل: معزّا. هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ الرحمة، والطمأنينة فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ قال ابن عبّاس: كلّ سكينة في القرآن فهي الطمأنينة إلّا التي في البقرة.

لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ قال ابن عبّاس: بعث الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بشهادة أن لا إله إلّا الله، فلمّا صدّقوا فيها زادهم الصلاة، فلمّا صدّقوا زادهم الصيام، فلمّا صدّقوا زادهم الزّكاة، فلمّا صدّقوا زادهم الحجّ، ثمّ زادهم الجهاد، ثمّ أكمل لهم دينهم بذلك، وقوله تعالى: لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ أي تصديقا بشرائع الإيمان مع تصديقهم بالإيمان.

وقال الضحاك: يقينا مع يقينهم، وقال الكلبي: هذا في أمر الحديبية حين صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ ...

وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً أخبرنا عبيد الله بن محمّد الزاهد، أخبرنا أبو العبّاس السرّاج، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن المبارك، حدّثنا يونس بن محمّد، حدّثنا شيبان، عن قتادة في قوله سبحانه: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ

قال أنس بن مالك: إنّها نزلت على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد مرجعه من الحديبية، وأصحابه مخالطو الحزن والكآبة، قد حيل بينهم وبين مناسكهم ونحروا بالحديبية، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لقد أنزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدّنيا جميعا» [٢٨] «١» فقرأها على أصحابه، فقالوا: هنيئا مريئا يا رسول الله، قد بيّن الله تعالى ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله تعالى: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ

قال أهل المعاني: وإنّما كرّر (اللام) في قوله: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بتأويل تكرير الكلام مجازه إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ إنّا فتحنا لك لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ أي لن ينصر الله محمّدا صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين.

عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ بالذلّ والعذاب وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قرأ ابن كثير وأبو عمرو أربعتها (بالياء) واختاره أبو عبيد، قال: لذكر الله المؤمنين قبله، وبعده، فأمّا قبله فقوله تعالى: فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وبعده قوله:

إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ وقرأها الآخرون (بالتاء) واختاره أبو حاتم.

وَتُعَزِّرُوهُ وقرأ محمّد بن السميقع (بزاءين) ، وغيره (بالراء) أي لتعينوه، وتنصروه. قال


(١) مسند أحمد: ٣/ ٢١٥ صحيح مسلم: ٥/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>