للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيل بغير علم

، وذلك قوله تعالى: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً محبوسا. أي وصدّوا الهدي معكوفا محبوسا [٤٢] «١» .

أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ منحره، وكان سبعين بدنة،

روى الزهيري، عن عروة بن الزبير، عن المسوّر بن مخرمة، ومروان بن الحكم، قالا: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المدينة عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد قتالا، وساق معه سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل، فكانت كلّ بدنة عن عشرة نفر، فلمّا بلغ ذا الحليفة، تنامى إليه النّاس، فخرج في بضع عشرة مائة من أصحابه، حتّى إذا كانوا بذي الحليفة قلّد الهدي، وأشعره، وأحرم بالعمرة، وكشف بين يديه عينا من خزاعة يخبره عن قريش.

وسار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى إذا كان بغدير الأشطاط، قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي، فقال:

إنّي تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي، قد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك، وصادّوك عن البيت، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أشيروا عليّ، أترون أن نميل على ذراري هؤلاء الّذين عاونوهم فنصيبهم؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين، وان نجوا تكن عنقا قطعها الله أو ترون أن نأمّ البيت، فمن صدّنا عنه قاتلناه» .

فقام أبو بكر رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله إنّا لم نأت لقتال أحد، ولكن من حال بيننا، وبين البيت قاتلناه، فقال رسول الله (عليه السّلام) : «فروحوا إذا» .

وكان أبو هريرة يقول: ما رأيت أحدا قط أكثر مشاورة لأصحابه من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فراحوا حتّى إذا كانوا بعسفان، لقيه بشر بن سفيان الكعبي، فقال له: يا رسول الله هذه قريش، قد سمعوا بسيرك، فخرجوا ومعهم العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود المنون، ونزلوا بذي طوى، يحلفون بالله لا يدخلها عليهم أبدا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدّموها إلى كراع العميم. وقد ذكرت قول من قال: إنّ خالد بن الوليد يومئذ كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسلما، فقال رسول الله (عليه السّلام) : «يا ويح قريش، قد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائر العرب؟ فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوّة، فما تظنّ قريش، فو الله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله به حتّى يظهره الله، أو تنفرد هذه السّالفة» [٤٣] «٢» .

ثمّ قال: «من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها» ، فقال رجل من أسلم:

أنا يا رسول الله. فخرج على طريق وعر حزن بين شعاب، فلمّا خرجوا منه، وقد شقّ ذلك على المسلمين وأفضى إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للناس: «قولوا:


(١) جامع البيان للطبري: ٢٦/ ١٢٣.
(٢) مسند أحمد: ٤/ ٣٢٣ المعجم الكبير: ٢٠/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>