للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميمون بعد ذلك لا يغتاب أحدا، ولا يدع أن يغتاب عنده أحد، وحكي عن بعض الصالحين أنّه قال: كنت قاعدا في المقبرة الفلانية، فاجتازني شاب جلد، فقلت: هذا، وأمثاله، وبال على الناس، فلمّا كانت تلك الليلة رأيت في المنام أنّه قدّم إليّ جنازة عليها ميّت، وقيل لي كل من لحم هذا، وكشف عن وجهه، فإذا ذلك الشاب، فقلت: أنا لم آكل من لحم الحيوان الحلال منذ سنين، فكيف آكل هذا؟ فقيل: فلم اغتبته إذا؟ فانتبهت حزينا، فكنت آوي إلى تلك المقبرة سنة واحدة، فرأيت الرجل، فقمت إليه لأستحلّ منه، فنظر إليّ من بعيد، فقال: تبت. قلت:

نعم، قال: ارجع إلى مكانك.

وقد أخبرنا ابن منجويه، قال: حدّثنا عمر بن الخطّاب. قال: حدّثنا عبد الله بن الفضل.

قال: أخبرنا علي بن محمّد. قال: حدّثنا يحيى بن آدم. قال: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن ابن عمر، لأبي هريرة، قال: جاء ماعز إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: إنّه زنى، فأعرض عنه، حتّى أقرّ أربع مرّات، فأمر برجمه، فمرّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على رجلين يذكران ماعزا، فقال أحدهما: هذا الذي ستر عليه، فلم تدعه نفسه حتّى رجم برجم الكلب.

قال: فسكت عنهما حتّى مرّا معه على جيفة حمار شائل رجله، فقال صلى الله عليه وسلّم لهما: «انزلا فأصيبا منه» . فقالا: يا رسول الله غفر الله لك، وتؤكل هذه الجيفة؟

قال: «ما أصبتما من لحم أخيكما آنفا أعظم عليكما، أما إنّه الآن في أنهار الجنّة منغمس فيها» [٧٦] .

وأخبرني ابن منجويه، قال: حدّثنا ابن شيبة قال: حدّثنا الفريابي، قال: حدّثنا محمّد بن المصفى، قال: حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا عبد القدوس بن الحجّاج، قال: حدّثني صفوان بن عمرو، قال: حدّثنا راشد بن سعد، وعبد الرّحمن بن جبير، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم، وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم النّاس، ويقعون في أعراضهم» [٧٧] «١» .

وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ

أخبرني الحسين، قال: حدّثنا موسى بن محمّد بن علي، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى الحلواني، قال: حدّثنا يحيى بن أيّوب، قال: حدّثنا أسباط، عن أبي رجاء الخراساني، عن عبّاد بن كثير، عن الحريري، عن أبي نصرة، عن جابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «الغيبة أشدّ من الزنا» . قيل: وكيف؟

قال: «إنّ الرجل يزني، ثمّ يتوب، فيتوب الله عليه، وإنّ صاحب الغيبة لا يغفر له حتّى يغفر له صاحبه» [٧٨] «٢» .


(١) مسند أحمد: ٣/ ٢٢٤ وسنن أبي داود: ٢/ ٤٥١.
(٢) الجامع الصغير: ١/ ٤٥٠ العهود المحمدية للشعراني: ٨٥٦ كنز العمال: ٣/ ٥٨٦. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>