للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله: وَالشَّمْسِ وَضُحاها ... قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها «١» وبل كقوله: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ يعرفون حسبه، ونسبه، وصدقه، وأمانته. فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ

غريب.

أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً نبعث، فترك ذكر البعث لدلالة الكلام عليه. ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ يقال: رجعته رجعا، فرجع هو رجوعا، قال الله سبحانه: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ «٢» قال الله سبحانه: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ما تأكله من عظامهم، وأجسامهم، وقيل:

معناه قد علمنا ما يبلى منهم، وما يبقى لأنّ العصعص لا تأكله الأرض كما

جاء في الحديث:

«كلّ ابن آدم يبلى، إلّا عجب الذنب، منه خلق ومنه يركب»

[٨٥] «٣» وأبدان الأنبياء والشهداء أيضا لا تبلى.

وقال السدي: والموت يقول: قد علمنا من يموت منهم، ومن يبقى. وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ محفوظ من الشياطين، ومن أن يدرس، ويبعثر، وهو اللوح المحفوظ، المكتوب فيه جميع الأشياء المقدّرة.

بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ بالقرآن. لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ قال أبو حمزة: سئل ابن عبّاس عن المريج، فقال: هو الشيء المكر، أما سمعت قول الشاعر:

فجالت فالتمست به حشاها ... فخر كأنه خوط مريج «٤»

الوالبي عنه: أمر مختلف. العوفي عنه: أمر ضلالة. سعيد بن جبير، ومجاهد: ملتبس، قال قتادة: في هذه الآية من نزل الحقّ مرج أمره عليه، والتبس دينه عليه. ابن زيد: مختلط، وقيل: فاسد، وقيل: متغير. وكلّ هذه الأقاويل متقاربة، وأصل المرج الاضطراب، والقلق، يقال: مرج أمر الناس، ومرج الدّين، ومرج الخاتم في إصبعي وخرج إذا قلق من الهزال، قال الشاعر:

مرج الدّين فأعددت له ... مشرف الحارك محبوك الكتد «٥»

وفي الحديث: «مرجت عهودهم، وأمانيهم» .

أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ أي شقوق، وفتوق، واحدها فرج، وقال ابن زيد: الفروج الشيء المتفرّق المتبري بعضه من بعض، وقال


(١) سورة الشمس: ٩١.
(٢) سورة التوبة: ٨٣.
(٣) تفسير ابن كثير: ٣/ ٢٥١ ومسند أحمد: ٢/ ٤٩٩. [.....]
(٤) تاج العروس: ٢/ ١٠٠.
(٥) لسان العرب: ١٠/ ٤٠٨ وتفسير القرطبي: ١٧/ ١٥ والحارك: الكاهل، والكتد: مجمع الكتفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>