للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكّل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله، فإذا مات، قال الملكان اللّذان وكّلا به يكتبان عمله: قد مات فلان، فيأذن لنا، فنصعد إلى السماء، فيقول الله سبحانه: سمائي مملوءة من ملائكتي يسبّحون، فيقولان: نقيم في الأرض. فيقول الله سبحانه: أرضي مملوءة من خلقي يسبّحون.

فيقولان: فأين؟ فيقول: قوما على قبر عبدي. فكبّراني، وهللاني، واكتبا ذلك لعبدي ليوم القيامة» [٩٠] «١» .

ما يَلْفِظُ يتكلّم. مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ عنده رَقِيبٌ حافظ عَتِيدٌ حاضر، وهو بمعنى المعتد من قوله: أَعْتَدْنا والعرب تعاقب بين (التاء) و (الذال) لقرب مخرجهما، فيقول:

اعتددت، وأعذدت، وهرذ، وهرت، وكبذ، وكبت، ونحوهما، قال الشاعر:

لئن كنت مني في العيان مغيبا ... فذكرك عندي في الفؤاد عتيد «٢»

وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ أي وجاءت سكرة الحقّ بالموت لأنّ السكرة هي الحقّ، فأضيفت إلى نفسه لاختلاف الاسمين وقيل: الحقّ هو الله عزّ وجلّ، مجازه وجاء سكرة أمر الله بالموت. أنبأني عقيل، قال: أخبرنا المعافى، قال: أخبرنا جوير. قال: حدّثنا ابن المثنى، قال: حدّثنا محمد بن جعفر، قال: حدّثنا شعبة، عن واصل، عن أبي وائل قال: لما كان أبو بكر يقضي، قالت عائشة:

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر «٣»

فقال أبو بكر: يا بنية لا هو لي، ولكنّه كما قال الله سبحانه: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ أي تكره، عن ابن عبّاس، وقال الحسن: تهرب. الضحّاك:

تروغ. عطاء الخراساني: تميل. مقاتل بن حيان: تنكص.

وأصل الحيد الميل، يقال: حدت عن الشيء أحيد حيدا، ومحيدا إذا ملت عنه. قال طرفة:

أبا منذر رمت الوفاء فهبته ... وحدت كما حاد البعير عن الدحض «٤»

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ يعني نفخة البعث. ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ الذي وعده الله سبحانه للكفّار يلعنهم فيه. وَجاءَتْ ذلك اليوم كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ يسوقها إلى المحشر وَشَهِيدٌ شهد عليه بما عملت في الدّنيا من خير أو شرّ. وروي أنّ عثمان بن عفّان خطب، وقرأ هذه الآية،


(١) تفسير القرطبي: ١٧/ ١٢ الدر المنثور: ٦/ ١٠٥.
(٢) تفسير القرطبي: ١٧/ ١١.
(٣) لسان العرب: ٢/ ٢٣٧.
(٤) تاج العروس: ٥/ ٢٨ والدحض: الدفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>