للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التهديد والوعيد أي طوّفوا في البلاد، وسيروا في الأرض، فانظروا هَلْ مِنْ مَحِيصٍ من الموت وأمر الله سبحانه.

إِنَّ فِي ذلِكَ أي في القرى التي أهلكت والعبر التي ذكرت لَذِكْرى التذكرة لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أي عقل، فكنّي عن العقل بالقلب لأنّه موضعه ومتبعه. قال قتادة: لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ حيّ، نظيره لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا، وقال الشبلي: قلب حاضر مع الله لا يغفل عنه طرفة عين، وقال يحيى بن معاذ: القلب قلبان: قلب قد احتشى بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من أمور الآخرة لم يدر ما يصنع من شغل قلبه بالدنيا. وقلب قد احتشى بأهوال الآخرة، حتّى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة. وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سألت أبا الحسن علي بن عبد الرّحمن العباد عن هذه الآية، فقال: معناها إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ مستقرّ لا يتقلّب عن الله في السراء والضراء.

أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ أي استمع القرآن، يقول العرب: ألق إليّ سمعك أي استمع، وقال الحسين بن الفضل: يعني وجه سامعه وحولها إلى الذكر كما يقال اتبعي إليه.

وَهُوَ شَهِيدٌ أي حاضر القلب، وقال قتادة: وهو شاهد على ما يقرأ ويسمع في كتاب الله سبحانه من حبّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم وذكره. وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ إعياء وتعب.

نزلت في اليهود حيث قالوا: يا محمد أخبرنا ما خلق الله تعالى من الخلق في هذه الأيّام الستّة؟

فقال صلّى الله عليه وسلّم: «خلق الله تعالى الأرض يوم الأحد والاثنين، والجبال يوم الثلاثاء والمدائن والأنهار والأقوات يوم الأربعاء، والسماوات والملائكة يوم الخميس، إلى ثلاث ساعات من يوم الجمعة وخلق في أوّل الثلاث ساعات الآجال، وفي الثانية الآفة، وفي الثالثة آدم» .

قال: قالوا: صدقت إن أتممت. فقال: وما ذاك؟ فقالوا: ثمّ استراح يوم السبت واستلقى على العرش فأنزل الله سبحانه هذه الآية [٩٣] «١» .

فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ فإنّ الله سبحانه لهم بالمرصاد، وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ يعني قل: سبحان الله والحمد لله. عن عطاء الخراساني، وقال الآخرون: وصلّ بأمر ربّك وتوفيقه، قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يعني صلاة الصبح، وَقَبْلَ الْغُرُوبِ صلاة العصر، وروي عن ابن عباس، وَقَبْلَ الْغُرُوبِ: يعني الظهر والعصر، وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ يعني صلاة العشاءين، وقال مجاهد: من الليل كلّه، يعني: صلاة الليل، في أي وقت صلّى، وَأَدْبارَ السُّجُودِ قال


(١) كنز العمال: ٦/ ١٢٤ جامع البيان للطبري ٢٦/ ٢٢٩ بتفاوت يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>