للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد ذكر لي أن نواة كانت في جوف صدف، فأصابت بعض النواة ولم يصب بعضها فكانت حيث القطرة من النواة لؤلؤة وسائرها نواة.

وأخبرنا الحسين قال: حدّثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله قال: قرأ أبي على أبي محمد بن الحسن بن علويه القطان من كتابه وأنا اسمع، قال: حدّثنا بعض أصحابنا قال: حدّثني رجل من أهل مصر يقال له: طسم قال: حدّثنا أبو حذيفة عن أبيه عن سفيان الثوري في قول الله سبحانه: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال: فاطمة وعلي يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ قال: الحسن والحسين «١» .

وروي هذا القول أيضا عن سعيد بن جبير، وقال: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ محمد صلّى الله عليه وسلّم

، والله أعلم «٢» .

وقال أهل الإشارة مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ أحدهما معرفة القلب والثاني معصية النفس، بينهما برزخ الرحمة والعصمة.

لا يَبْغِيانِ لا تؤثر معصية النفس في معرفة القلب، وقال ابن عطاء: بين العبد وبين الرب بحران: أحدهما بحر النجاة، وهو القرآن من تعلق به نجا، والثاني بحر الهلاك وهو الدنيا من تمسك بها وركن إليها هلك، وقيل: بحر الدنيا والعقبى، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ وهو القبر قال الله سبحانه: وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.

لا يَبْغِيانِ لا يحل أحدهما بالآخر، وقيل: بحر العقل والهوى بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لطف الله تعالى. يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ التوفيق والعصمة، وقيل: بحر الحياة وبحر الوفاة، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ وهو الأجل، وقيل: بحر الحجة والشبهة، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ وهو النظر والاستدلال يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ الحق والصواب.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وَلَهُ الْجَوارِ السفن الكبار الْمُنْشَآتُ كسر حمزة سينها، وهي رواية المفضل عن عاصم تعني المقبلات المبتديات اللاتي أنشأن بجريهن وسيرهن، وقرأ الآخرون بفتحه أي المخلوقات المرفوعات المسخّرات فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ كُلُّ مَنْ عَلَيْها أي على الأرض من حيوان كناية عن غير مذكور كقول الناس: (ما عليها أكرم من فلان) يعنون الأرض، وما بين لابتيها أفضل منه يريدون جزئي المدينة فانٍ هالك، قال ابن عباس: لمّا أنزلت هذه الآية قالت الملائكة: هلك أهل الأرض فأنزل الله تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ فأيقنت الملائكة بالهلاك.


(١) تفسير الدر المنثور: ٦/ ١٤٣ مورد الآية.
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>