للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً قال ابن عباس: شديد الملوحة. وقال الحسن: قعاعا مرا.

فَلَوْلا تَشْكُرُونَ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ تقدحون وتستخرجون من زندكم أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التي تقدح منها النار وهي المرخ والعفار أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ المخترعون؟

نَحْنُ جَعَلْناها يعني نار الدنيا تَذْكِرَةً للنار الكبرى.

أخبرنا ابن سعيد بن حمدون، حدّثنا ابن الشرقي، حدّثنا محمد بن يحيى وعبد العزيز بن بشير وأحمد بن يوسف قالوا: حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ناركم هذه التي توقد بنو آدم جزءا من سبعين جزءا من حرّ جهنم» .

قالوا: والله إن كانت لكافيتنا برسول الله. قال: «فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرّها» «١» [٢٠٥] .

وَمَتاعاً بلغة ومنفعة لِلْمُقْوِينَ المسافرين النازلين في الأرض القيّ والقوى، وهي القفر الخالية البعيدة من العمران والأهلين، يقال: أقوت الدار إذا دخلت من سكانها.

قال الشاعر:

أقوى وأقفر من نعم وغيّرها ... هوج الرياح بهابي الترب موار «٢»

وقال النابغة:

يا دارميّة بالعلياء فالسند ... بها أقوت وطال عليها سالف الأبد «٣»

هذا قول أكثر المفسرين، وقال مجاهد لِلْمُقْوِينَ يعني للمستمتعين من الناس أجمعين، المسافرين والحاضرين يستضيء بها في الظلمة ويصطلي بها في البرد وينتفع بها في الطبخ والخبز ونتذكر بها نار جهنم فنستجير الله منها.

وقال الحسن: بلغة المسافرين يبلغون بها إلى أسفارهم يحملونها في الخرق والجواليق.

وقال الربيع والسدي: يعني للمرملين المعترين الذين لا زاد معهم، نارا يوقدون فيختبزون بها، وهي رواية العوفي عن ابن عباس. قال ابن زيد: للجائعين. تقول العرب: أقويت مذ كذا وكذا أي ما أكلت شيئا.


(١) صحيح مسلم: ٨/ ١٤٩.
(٢) الهوج: الريح التي تستوي في هبوبها، والهابي من هباء الغبار أي سطع، وموار: تحرك بسرعة، والبيت في تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٦٤.
(٣) ديوان النابغة الجعدي: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>