للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمنها، أو يكون مالكا للرقبة إلّا إنّه محتاج إليها لخدمته، أو يكون مالكا للثمن ولكن يحتاج إليه لنفقته أو كان له مسكن يسكنه، فله الانتقال إلى الصوم.

وقال أبو حنيفة: ليس له أن يصوم وعليه أن يعتق الرقبة وإن كان محتاجا إليها وإلى ثمنها، فإن عجر عن الرقبة فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فإن أفطر في أثنائها بغير عذر قطع التتابع وعليه أن يستأنف شهرين متتابعين. وإن أفطر بعذر المرض أو السفر، فاختلف الفقهاء فيه، فقال قوم: لا ينقطع التتابع وله أن يبني ويقضي الباقي، وإليه ذهب سعيد بن المسيّب والحسن وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار والشعبي، وهو أحد قولي الشافعي.

وقال آخرون: ليس له أن يبني بل يلزمه أن يستأنف ويبتدئ، وهو قول النخعي وأصحابه، والأصحّ من قولي الشافعي.

وإن تخلّل صوم الشهرين زمان لا يصحّ فيه الصوم عن الكفّارة كالعيدين وأيام التشريق وأيام شهر رمضان، فإنّ التتابع ينقطع بذلك ويجب الاستئناف.

ولو وطئ المظاهر في الشهرين، نظر فإن وطئها نهارا بطل التتابع وعليه الابتداء، وإن وطئها ليلا لم يبطل التتابع. وقال أبو حنيفة: سواء وطئ ليلا أو نهارا فإنّه يبطل التتابع وعليه أن يستأنف صوم شهرين متتابعين.

فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الصيام، وعدم الاستطاعة مثل أن يخاف من الصوم لعلة أو لحوق ومشقّة شديدة ومضرّة ظاهرة، فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً لكلّ مسكين مدّ من غالب قوت بلده، والخلاف فيه بين الفريقين كالاختلاف في زكاة الفطرة. ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ.

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ: يخالفون ويعادون اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا: أهلكوا وأخّروا وأحربوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ قراءة العامّة بالياء لأجل الحائل، وقرأ أبو جعفر القارئ (تكون) - بالتاء- لتأنيث النجوى، والأول أفصح وأصحّ مِنْ نَجْوى متناجين ثَلاثَةٍ، قال الفراء: إن شئت خفضت الثلاثة على نعت النجوى وإن شئت أضفت النجوى إليها، ولو نصبت على أنّها [حال] «١» لكان صوابا. إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ بالعلم يسمع نجواهم ويعلم فحواهم، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ، قراءة العامّة بالنصب في محلّ الخفض عطفا. وقرأ يعقوب وأبو حاتم أكثر بالرفع على محلّ الكلام قبل دخول (من) ، وقرأ


(١) في المخطوط: فعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>