للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: فاتّعظوا يا أُولِي الْأَبْصارِ يا ذوي العقول.

وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ: الخروج عن الوطن لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ وقرأ طلحة بن مصرف: (ومن يشاقق الله) (كالتي في الأنفال) فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ الآية، وذلك

أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما نزل ببني النضير وتحصّنوا في حصونهم أمر بقطع نخيلهم وإحراقها، فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا: يا محمّد، زعمت أنّك تريد الصلاح، أفمن الصلاح عقر الشجر وقطع النخيل؟ فهل وجدت فيما زعمت أنّه أنزل عليك الفساد في الأرض؟ فشقّ ذلك على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ووجد المسلمون في أنفسهم من قولهم، وخشوا أن يكون ذلك فسادا، واختلف المسلمون في ذلك، فقال بعضهم: لا تقطعوا فإنّه ممّا أفاء الله علينا، وقال بعضهم: بل نغيظهم بقطعها، فأنزل الله سبحانه هذه الآية بتصديق من نهى عن قطعه وتحليل من قطعه من الإثم، وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله سبحانه.

أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن الحسن قال: حدّثنا محمّد بن يحيى وعبد الرحمن بن بشر وأبو الأزهر وحمدان وعلي قالوا: حدّثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريح قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر أنّ النبي (عليه السلام) قطع نخل بني النضير وحرق، ولها يقول حسان:

وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير «١»

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله وأبو محمّد إسحاق بن إبراهيم وأبو علي الحسن بن محمّد وأبو القاسم الحسن بن محمّد قالوا: حدّثنا أبو العباس الأصمّ قال: أخبرنا الربيع قال:

أخبرنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر بإحراق نخل بني النضير، فقال فيه حسان بن ثابت:

وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير «٢»

وفي ذلك نزل قوله سبحانه: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ.

اختلفوا فيها فقال قوم: هي ما دون العجوة من النخل، فالنخل كلّه لينة ما خلا العجوة، وهو قول عكرمة ويزيد بن رويان وقتادة.

ورواية باذان عن ابن عباس قال: وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بقطع نخلهم إلّا العجوة

، وأهل المدينة يسمّون ما خلا العجوة من التمر: الألوان، واحدها لون ولينة، وأصلها لونة فقلبت الواو بالكسرة ما قبلها.


(١) لسان العرب: ٤/ ٥١٣.
(٢) لسان العرب: ٤/ ٥١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>