للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يوم النضير للأنصار: «إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وتشاركونهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة» [٢٥٧] «١» .

فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالقسمة ولا نشاركهم فيها.

فأنزل الله سبحانه: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

والشح في كلام العرب: البخل ومنع الفضل، يقال: فلان شحيح من الشّح والشّحّ والشحّة والشحاحة، قال عمرو بن كلثوم:

ترى اللحز الشحيح إذا أمرّت ... عليه لماله فيها مهينا «٢»

وفرّق العلماء من السلف بينهما.

فأخبرني الحسن بن محمّد قال: حدّثنا موسى بن محمّد بن علي قال: حدّثنا إدريس بن عبد الكريم الحدّاد قال: حدّثنا عاصم بن علي بن عاصم، وأخبرنا عبد الخالق قال: حدّثنا ابن حبيب قال: حدّثنا ابن شاكر قال: حدّثنا عاصم بن علي قال: حدّثنا المعادي، عن جامع بن شداد، عن أبي الشعثاء قال:

قال رجل لعبد الله بن مسعود: يا أبا عبد الرحمن، إني أخاف أن أكون قد هلكت. قال:

وما ذاك؟ قال: سمعت الله سبحانه يقول: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يديّ شيء. فقال: ليس ذاك الشحّ الذي ذكر الله سبحانه في القرآن، ولكن الشحّ أن تأكل مال أخيك ظلما، ولكن ذلك البخل، وبئس الشيء البخل.

الوالبي علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ قال: يقول: هوى نفسه يتبع هواه فلم يقبل الإيمان.

وقال ابن زيد: من لم يأخذ شيئا لشيء نهاه الله سبحانه ولم يدعه الشحّ الى أن يمنع شيئا من شيء أمره الله تعالى به فقد وقاه شحّ نفسه.

وقال طاوس: البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه، والشحّ أن يبخل بما في أيدي الناس.

وأخبرني أبي قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن عبد الله النحوي قال: أخبرنا محمّد بن حمدون ابن خالد قال: حدّثنا محمّد بن عبد الوهاب بن أبي تمام العسقلاني قال: حدّثنا سليمان


(١) تفسير مجمع البيان: ٩/ ٤٣٠.
(٢) لسان العرب: ٥/ ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>