للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبّاس: وكان عبد الله بن أبيّ جسيما صحيحا فصيحا ذلق اللسان، فإذا قال يسمع النبي (عليه السلام) قوله.

وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا أحلام.

قرأ الأعمش والكسائي وأبو عمرو عن عابس وقيل عبّاس: خُشْبٌ مخفف بجزم الشين، وهي قراءة البراء بن عازب واختيار أبي عبيد قال: [المدّ مذهبها] «١» في العربية، وذلك أنّ واحدتها خشبة ولم تجد في كلامهم اسما على مثل فعلة تجمع فعل بضم الفاء والعين، ويلزم من فعلها أن ينقل البدن أيضا فيقرأ وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ لأن واحدتها بدنة أيضا.

وقرأ الآخرون بالتثقيل وهي اختيار أبي حاتم واختلف فيه عن ابن كثير وعاصم.

أخبرنا أبو بكر بن أبي محمّد الحمشاذي قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي، حدّثنا محمّد بن يونس بن موسى قال: حدّثنا الأصمعي قال: حدّثنا سليم العاملاني قال: جاء رجل إلى ابن سيرين فقال: رأيت حالي محتضن خشبة، فقال أحسبك من أهل هذه الآية وتلا كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ.

يَحْسَبُونَ من جبنهم وسوء ظنهم وقلّة يقينهم.

كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ قال مقاتل: يقول إن نادى مناد في العسكر وانقلبت دابّة، ونشدت ضالة ظنّوا أنّهم يرادون بذلك لما في قلوبهم من الرعب.

وقال بعضهم: إنّما قال ذلك لأنّهم على وجل من أن ينزل الله فيهم، يهتك أستارهم وتبيح دماءهم وأموالهم وقال الشاعر في هذا المعنى:

ولو أنها عصفورة لحسبتها ... مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما «٢»

ثمّ قال هُمُ الْعَدُوُّ ابتداء وخبر.

فَاحْذَرْهُمْ ولا تأمنهم.

قاتَلَهُمُ اللَّهُ لعنهم الله.

أَنَّى يُؤْفَكُونَ يصرفون عن الحق.

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ أي أمالوها وأظهروا بوجوهم إظهارا للكراهية.


(١) كذا في المخطوط.
(٢) الصحاح: ٥/ ١٩٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>