للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل لأمّتك إذا طلقتم النِّساءَ أي أردتم تطليقهن كقوله فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ.

فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وهو أن يطلقها طاهرا من غير جماع، يقول: طلّقوهن لطهرهنّ الذي يحصينّه من عدّتهن، ولا تطلقوهن لحيضهنّ الذي لا يعتددن به من قروئهنّ، وهذا للمدخول بها لأنّ من لم يدخل بها لا عدّة عليها.

فإذا طلّقها في طهر لم يجامعها فيه نفذ طلاقه وأصاب السنّة، وإن طلّقها حائضا وقع الطلاق وأخطأ السنّة «١» .

وقال سعيد بن المسيّب في آخرين: لا يقع لأنّه خلاف ما أمروا، وإليه ذهب الشيعة، فإن طلقها في طهرها ثلاثا فكرّهه قوم وقالوا ليس بطلاق السنّة لأنّه لم يدع للإمساك موضعا، وكان الشافعي والجمهور يبيحونه ولا يكرهونه لأنّ عبد الرحمن بن عوف طلّق امرأته ثلاثا، وإنّ العجلاني لمّا لاعن قال: كذبت عليها إن أمسكتها، هي طالق ثلاثا، فلم يردّ عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم.

واختلف المفسّرون فيمن نزلت هذه الآية، قال:

فأخبرنا ابن منجويه، حدّثنا عبيد الله بن محمد بن شعبة، حدّثنا أبو القاسم عمر بن عقبة بن الزبير الأنصاري، حدّثنا أبو عبد الله محمّد ابن أيّوب بن معيد بن هناد الكوفي، حدّثنا أسباط بن محمّد، حدّثنا سعيد بن عروة عن قتادة عن أنس قال: طلّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حفصة فأتت أهلها فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ

وقيل له: راجعها فإنّها صوّامة قوّامة، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنّة.

وقال السدي: نزلت في عبد الله بن عمر، وذلك أنّه طلّق امرأته حائضا وأمره النّبي صلّى الله عليه وسلّم أن يراجعها ويمسكها حتّى تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى فإذا طهرت طلّقها إن شاء قبل أن يجامعها أو يمسكها، فإنّها العدّة التي أمر الله بها.

أخبرنا عبد الله بن حامد، حدّثنا محمد بن يعقوب، حدّثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدّثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: طلّقت امرأتي على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مره فليراجعها حتى تطهر «٢» ثم تحيض حيضة أخرى، فإذا طهرت فليطلقها إن شاء قبل أن يجامعها أو يمسكها، فإنّها العدّة التي أمر الله تعالى أن يطلّق لها النساء» [٣١٩] «٣» .

قال فقلت لنافع ما صنعت التطليقة قال: واحدة اعتدّت بها.


(١) راجع تفسير القرطبي: ١٨/ ١٥٠.
(٢) في المصدر: «من حيضتها هذه» .
(٣) مسند أحمد: ٢/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>