للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً قال عكرمة والشعبي والضحاك: من يطلق السنة يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً إلى الرجعة.

وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ لا يرجو ولا يتوقع.

قال أكثر المفسرين: نزلت هذه الآية في عوف بن مالك الأشجعي، وذلك أنّ المشركين أسروا ابنا له يسمّى: سالما، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إنّ العدوّ أسر ابني وشكا إليه أيضا الفاقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أمسى عند آل محمد إلّا مد فاتّق الله واصبر وأكثر من قول: لا حول ولا قوة إلّا بالله»

[٣٢٨] «١» ففعل الرجل ذلك، فبينا هو في بيته إذ أتاه ابنه وقد غفل عنه العدو فأصاب إبلا وجاء بها إلى أبيه وكان فقيرا وقال الكلبي في رواية يوسف بن مالك: قدم ابنه ومعه خمسون بعيرا.

أخبرنا عبد الله بن حامد أخبرنا محمد بن عامر البلخي، حدّثنا القاسم بن عبّاد، حدّثنا صالح بن محمد الترمذي، حدّثنا أبو علي غالب عن سلام بن سليم عن عبد الحميد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إنّ ابني أسره العدو وجزعت الأم، فما تأمرني؟ قال: « [اتّق الله واصبر] وآمرك وإيّاها أن تستكثر من قول: لا حول ولا قوة إلّا بالله» [٣٢٩] . فانصرف إليها وقالت: ما قال لك النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: أمرني وإياك أن نستكثر من قول: لا حول ولا قوة إلّا بالله، قالت: نعم ما أمرك به، فجعلا يقولان فغفل عنه العدو فساق غنمهم فجاء بها إلى أبيه وهي أربعة آلاف شاة، فنزلت وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ما ساق من الغنيمة «٢» .

وقال مقاتل: أصاب غنما ومتاعا ثمّ رجع إلى أبيه فانطلق أبوه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبره الخبر وسأله الحلّ له وأن يأكل ما أتاه به ابنه، فقال النبي (عليه السلام) : «نعم» وأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا ابن فنجويه الدينوري، حدّثنا عبد الله بن محمد بن شيبة، حدّثنا بن وهب، أخبرنا عبد الله بن إسحاق، حدّثنا عمرو بن الأشعث، حدّثنا سعد بن راشد الحنفي، حدّثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ قال: مخرجا من شبهات الدنيا، ومن غمرات الموت، ومن شدائد يوم القيامة» [٣٣٠] «٣» .


(١) إعانة الطالبين: ٤/ ٣٨٩.
(٢) تفسير القرطبي: ١٨/ ١٦٠، وأسباب النزول للواحدي: ٢٨٩ وما بين معكوفين منهما.
(٣) الدر المنثور: ٦/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>