للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيد، كانوا يرون عدّة المرأة ارتفاع حيضها وهي شابة سنة، ورووا ذلك عن عمر وغيره.

فأمّا أهل العراق فإنّهم يرون عدتها ثلاث حيضات بعد ما كانت قد حاضت مرّة في عمرها وإن مكثت عشرين سنة إلى أن تبلغ من الكبر مبلغا تيأس من الحيض، فتكون عدّتها بعد الأياس ثلاثة أشهر، وهذا الأصح من مذهب الشافعي وعليه العلماء، ورووا ذلك عن ابن مسعود وأصحابه.

وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً أَسْكِنُوهُنَّ يعني مطلّقات نسائكم.

مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ أي من المواضع التي «١» سكنتم.

وقال الكسائي: (من) صلة مجازة أسكنوهن حيث سكنتم، مطلقات نسائكم.

مِنْ وُجْدِكُمْ سعتكم وطاقتكم، قراءة العامّة بضم الواو، وقرأ الأعرج بفتحه، وروى نوح عن يعقوب بكسر الواو، وكلّها لغات. حتى تنقضي عدتهن.

وَلا تُضآرُّوهُنَّ ولا تؤذوهن لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ مساكنهن فيخرجن.

وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ليخرجن من عدّتهن.

واختلف الفقهاء في هذه المسألة: فذهب مالك والشافعي والأوزاعي وابن أبي ليلى وأبو عبيدة ومحمد بن جرير إلى أنّ المبتوتة المطلقة ثلاثا لا نفقة لها، ولها سكنى، واحتجوا بأنّ الله تعالى عمّ بالسكنى المطلقات كلّهنّ، وخصّ بالنفقة أولات الأحمال خاصّة قال فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ.

وقال أحمد وأبو ثور: لا سكنى لها ولا نفقة، واحتجوا

بحديث فاطمة بنت قيس أخت الضّحاك بن قيس حين أرسل زوجها المخزومي طلاقها فلم يجعل لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نفقة وقال لها: إنّما النفقة إذا كانت له عليك الرجعة، وأمرها أن تعتدّ في بيت ابن أم مكتوم

، وقد ذكرناه، وهذا قول أبي بن كعب وزيد بن ثابت «٢» .

وأما [سفيان] وأهل العراق فقالوا: لها السكنى والنفقة حاملا كانت أو حائلا، وهذا قول [عائشة] رضي الله عنها.


(١) في المخطوط: الذي.
(٢) راجع شرح مسلم للنووي: ١٠/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>